للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُشِير إِلَى أَنه حائز لَهُ لَا أَنه فعل ذَلِك بل يُرِيد تَحْصِيل الْمَقْبُوض

وَأَيْضًا فَإِن هَذَا الْخَبَر أفادنا أَن وصف الله بِأَنَّهُ سميع بَصِير لَا على معنى صفة بِأَنَّهُ عليم كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض أهل النّظر فَلم يثبتوا لله تَعَالَى فِي وَصفنَا لَهُ بِأَنَّهُ سميع بَصِير معنى خَاصّا وَفَائِدَة زَائِدَة على وَصفنَا لَهُ بِأَنَّهُ عليم وَإِذا كَانَ كَذَلِك أفادنا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك تَحْقِيق معنى السّمع وَالْبَصَر على الْوَجْه الزَّائِد مَعْنَاهُ على معنى الْعلم إبطالا لقَوْل من ذهب إِلَى هَذَا التَّأْوِيل فِي معنى الْعلم وَلَو كَانَ معنى الْوَصْف فِيهِ بِأَنَّهُ سميع على معنى الْوَصْف فِيهِ بِأَنَّهُ عليم لَكَانَ يُشِير إِلَى الْقلب الَّذِي هُوَ مَحل الْعلم لينبه بذلك على معنى أَنه سميع بَصِير أَنه عليم فَلَمَّا أَشَارَ إِلَى الْعين وَالْأُذن وهما محلان للسمع وَالْبَصَر حقق الْفرق بَين السّمع وَالْبَصَر وَبَين الْعلم وَبَين فَائِدَة الْوَصْف على الإختصاص على أَن الْعين وَالْأُذن وَلَيْسَ مِمَّا يبصر بِهِ وَيسمع وَإِنَّمَا يسمع ويبصر بِالسَّمْعِ وَالْبَصَر اللَّذين يكونَانِ فِي الْأذن وَالْعين أَلا ترى أَنه قد يكون عين وَلَا يكون بصر وَأذن صَحِيحَة وَلَا يكون سمع

فَعلم أَن الْمَقْصُود لَيْسَ هُوَ إِثْبَات الْجَارِحَة الَّتِي لَا مدح فِي إِثْبَاتهَا بل الْمَقْصُود إِثْبَات الصّفة الَّتِي بهَا يكمل الْوَصْف بالمدح والتعظيم وَأَن الْإِشَارَة فِي ذَلِك ترجع إِلَى الْمُسْتَفَاد مِمَّا فِي الْعين وَالْأُذن من السّمع وَالْبَصَر لَا إِلَى الْعين وَالْأُذن

وَالْعرب قد تَقول كثيرا مَا فلَان إِلَّا شمس وقمر وَبدر وَإِنَّا يُرِيدُونَ بذلك التَّمْثِيل بِوَجْه دون وَجه وَفِي هَذَا الْمَعْنى قَول النَّابِغَة

(لِأَنَّك شمس والملوك كواكب ... إِذا طلعت لم يبْق مِنْهُنَّ كَوْكَب)

وَكَذَلِكَ قَالَ الآخر

<<  <   >  >>