للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تَأْوِيل ذَلِك

إعلم أَن هَذَا الحَدِيث من الْأَخْبَار الْمَشْهُورَة عَن أهل النَّقْل وَبَعضهَا يبين معنى بعض فَمن ذَلِك أَن لفظ الضحك مُشْتَرك الْمَعْنى فِي اللُّغَة وَيخْتَلف أَحْكَامه بإختلاف من يُضَاف إِلَيْهِ ذَلِك ويوصف بِهِ وَلَيْسَ هُوَ من الْأَلْفَاظ الَّتِي تخْتَص بِمَعْنى وَاحِد حَتَّى لَا يَلِيق بِهِ غَيره فَمن ذَلِك أَن الْعَرَب تَقول فِي تكشير أَسْنَان الْإِنْسَان وثغر فِيهِ إِذا وَقع على وَجه مَخْصُوص ضحك وَكَذَلِكَ تَقول ضحِكت الأَرْض بالنبات إِذا ظهر فِيهَا النَّبَات وانفتق عَن زهره وَكَذَلِكَ قَالَت الْعَرَب لطلع النّخل إِذا انفتق عَنهُ كافوره الضحك لأجل أَن ذَلِك يَبْدُو مِنْهُ مَعَ الْبيَاض الظَّاهِر كبياض الثغر يَقُولُونَ ضحك الطلعة إِذا ظهر مِنْهَا مَا كَانَ مستترا وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَائِل يضاحك الشَّمْس مِنْهَا كَوْكَب شَرق

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي ينشد فِي الرّبيع

(أما ترى الأَرْض قد أعطتك زهرتها ... مخضرة فاكتسى بِالنورِ عاليها)

(للسماء بكاء فِي جوانبها ... وللربيع ابتسام فِي نَوَاحِيهَا)

يُرِيد الإبتسام ظُهُور النَّبَات فِيهَا وطلوع النُّور عَلَيْهَا وَأنْشد بَعضهم فِي معنى ذَلِك

(كل يَوْم باقحوان جَدِيد ... يضْحك الرَّوْض من بكاء السَّمَاء)

<<  <   >  >>