للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر خبر آخر وتأويله]

أعلم أَن إِطْلَاق وصف الله عز وَجل بِأَن لَهُ وَجها قد ورد بِهِ نَص الْكتاب وَالسّنة وَذَلِكَ من الصِّفَات الَّتِي لَا سَبِيل إِلَى إِثْبَاتهَا إِلَّا من جِهَة النَّقْل وَلَو لم يرد بذلك خبر لم يجز إِطْلَاقه إِذْ لَا دلَالَة من جِهَة الْعُقُول تَقْتَضِي ذَلِك فتوجبه

وَذَهَبت الْمُعْتَزلَة فِي تَأْوِيل ذَلِك إِلَى أَن مَعْنَاهُ أَنه هُوَ وَأَن وَجه الشَّيْء قد يكون نَفسه وتأولوا قَوْله سُبْحَانَهُ {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله}

أَي فثم الله وَأَن وَجه الله هُوَ الله وشبهوا ذَلِك بقَوْلهمْ وَجه الْحَائِط وَوجه الثَّوْب وَوجه الْأَمر وَهَذَا عندنَا خطأ لِأَن القَوْل بِهِ يُؤَدِّي إِلَى جَوَاز القَوْل بِأَن الله عز وَجل وَجه وَأَن يجوز بِأَن يدعى بِهِ فَيُقَال يَا وَجه اغْفِر لنا وَقد أَجمعت الْأمة على الْمَنْع من ذَلِك

وَذهب أَصْحَابنَا إِلَى أَن الله عز وَجل ذُو وَجه وَأَن الْوَجْه صفة من صِفَاته الْقَائِمَة بِذَاتِهِ

وَذَهَبت المشبهة إِلَى وَجه الْجَارِحَة والآلة وَقد بَينا فِي أول هَذَا الْكتاب أَنه لَا يَصح وصف الله تَعَالَى بالجوارح والآلات وَإِن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى نقص توحيده وَإِلَى القَوْل بِأَنَّهُ أَجزَاء مبعضة وأجسام مركبة وَذَلِكَ محَال فِي وَصفه

فَأَما الَّذِي يجب أَن يكْشف عَنهُ من تَأْوِيل هَذَا الْخَبَر على أصلنَا إِذا وَجه السُّؤَال إِلَيْهِ فَقيل كَيفَ خص النّظر إِلَى وَجهه وعلق بِذكر الْوَجْه

<<  <   >  >>