[فصل آخر]
فِي الْكَلَام على من قَالَ إِن مَا روينَا من هَذِه الْأَخْبَار وَذكرنَا فِي أَمْثَال السّنَن والْآثَار مِمَّا لَا يجب الإشتغال بتأويله وتخريجه وَتبين مَعَانِيه وَتَفْسِيره
أعلم أَن أول مَا فِي ذَلِك أَنا قد علمنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا خاطبنا بذلك ليفيدنا أَنه خاطبنا على لُغَة الْعَرَب بألفاظها المعقولة فِيمَا بَينهَا المتداولة عِنْدهم فِي خطابهم فَلَا يَخْلُو أَن يكون قد أَشَارَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ إِلَى معَان صَحِيحَة مفيدة أَو لم يشر بذلك إِلَى معنى وَهَذَا مِمَّا يجل عَنهُ أَن يكون كَلَامه يَخْلُو من فَائِدَة صَحِيحَة وَمعنى مَعْقُول فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا بُد أَن يكون لهَذِهِ الْأَلْفَاظ معَان صَحِيحَة وَلَا يَخْلُو أَن يكون إِلَى مَعْرفَتهَا طَرِيق أَو لَا يكون إِلَى مَعْرفَتهَا طَرِيق فَإِن لم يكن إِلَى مَعْرفَتهَا طَرِيق وَجب أَن يكون تعذر ذَلِك لأجل أَن اللُّغَة الَّتِي خاطبنا بهَا غير مفهومة الْمَعْنى وَلَا مَعْقُول المُرَاد وَالْأَمر بِخِلَاف ذَلِك فَعلم أَنه لم يعم على المخاطبين من حَيْثُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ غير مَا وضعت لَهَا أَو مَا يُقَارب مَعَانِيهَا مِمَّا لَا يخرج من مَفْهُوم خطابها
إِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ تعرف مَعَانِيهَا مُمكنا والتوصل إِلَى المُرَاد بِهِ غير مُتَعَذر فَعلم أَنه مِمَّا لَا يمْتَنع الْوُقُوف على مَعْنَاهُ ومغزاه وَأَن لَا معنى لقَوْل من قَالَ إِن ذَلِك مِمَّا لَا يفهم مَعْنَاهُ أذ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ خطابه خلوا من الْفَائِدَة وَكَلَامه معنى عَن مُرَاد صَحِيح وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute