ثمَّ ذكر صَاحب الْكتاب أبوابا فِي أَن الله عز وَجل كلم مُوسَى موهما فِيهِ خلافًا بَين النَّاس وَلم يَخْتَلِفُوا على تفَاوت مذاهبهم فِي ان الله عز وَجل كلم مُوسَى وَخَصه بالتكليم بِمَا أبانه من غَيره وتكلف ذكر آي وَسنَن فِي ذَلِك وَلَا معنى لتكلفيه فِيمَا أغْنى عَنهُ الْإِجْمَاع وَزَالَ الْخلاف فِيهِ مَا بَين أهل الصَّلَاة كلهم وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي معنى ذَلِك وَلم يعرض لَهُم وَلَا فصل فِيهِ مَوضِع الْخلاف
ثمَّ ذكر بعد ذَلِك تَرْجَمَة أفسد بهَا جَمِيع مَا تقدم ذكره وَمَا تَأَخّر مِمَّا يَنْتَحِلهُ من القَوْل بِأَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق وَأَنه كَلَام الله لم يزل فَقَالَ
بَاب فِي صفة معنى تكلم الله بِالْوَحْي وَالْبَيَان وَأَن كَلَام رَبنَا لَا يشبه كَلَام المخلوقين لِأَن كَلَام الله كَلَام متواصل لَا سكت بَينه وَلَا صمت لَا ككلام الْآدَمِيّين الَّذين يكون بَين كَلَامهم صمت وَسكت لإنقطاع النَّفس أَو التَّذَكُّر والعي
وَأعلم أَنه قد نقض بِهَذِهِ التَّرْجَمَة مَا هُوَ أصل من أصُول السّنة فِي أَن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَلَا مُحدث وَأَنه لم يزل كلَاما وَذَلِكَ بِمَا ذكره فِي قَوْله إِنَّه كَلَام متواصل لَا سكت بَينه من قبل أَن مَا كَانَ كَذَلِك فَالثَّانِي متجدد بعد الأول وَكَذَلِكَ الثَّالِث بعد الثَّانِي وَمَا كَانَ كَذَلِك كَانَ مُحدثا مخلوقا وَلم تزد