للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[فصل آخر]

ذكر مَا يجب أَن نبين مَا فِي الْفَصْل من اللَّفْظ

أعلم أَن وصف الله عز وَجل بالضحك على مَا ورد بِهِ الْخَبَر مُطلق سَائِغ وَأما على توهم هَذَا الْقَائِل أَنه ضحك صفة كَالْكَلَامِ فخطأ وَقد بَينا فِيمَا قبل تَأْوِيل الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَ فِيهَا الضحك وفسرناه وبيناه وَبينا وَجهه وأوضحنا أَن أصل معنى الضحك فِي اللُّغَة هُوَ الظُّهُور والبروز والإيضاح على وَجه مَخْصُوص مِنْهُ

قَالَ ضحِكت الأَرْض بالنبات إِذا ظهر نباتها وَمِنْه قَول الْقَائِل

وَالْأَرْض تضحك من بكاء السَّمَاء وسقيها

أَي بِظُهُور زهرتها ونورها من مطر السَّمَاء وسقيها وَأَن معنى وصف الله جلّ ذكره بِهِ من الضحك فَهُوَ على معنى إِظْهَار ألطافه وفوائده ومننه ونعمه

وَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْخَبَر أَن يظْهر نعمه ومننه لهَذَا الدَّاخِل أخيرا الْجنَّة وَلَيْسَ ذَلِك ضحك كَمَا توهم وَلَا الْأَمر فِيهِ كَمَا قدر أَنه مِمَّا اسْتَأْثر الله عز وَجل بِعِلْمِهِ فَلم يطلع على ذَلِك خلقه وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خاطبنا بلغَة الْعَرَب وَإِذا وجدنَا لكَلَامه وَجها فِي اللُّغَة صَحِيح الْمَعْنى مُفِيدا حملناه عَلَيْهِ وَلم يُنكر أَن يكون ذَلِك هُوَ المُرَاد

وَالْعجب من هَذَا الْقَائِل تَارَة يروي الحَدِيث وَيتَكَلَّم فِي مَعْنَاهُ وَتارَة يَقُول نسكت لِأَن الله لم يطلعنا عَلَيْهِ وَالطَّرِيق فيهمَا وَاحِد وَكلما أمكن اسْتِدْرَاك مَعْنَاهُ من جِهَة اللُّغَة واستقامت الْفَائِدَة فِيهِ لم يُنكر أَن يحمل الْخَبَر عَلَيْهِ وَلَا معنى

<<  <   >  >>