وَالْوَجْه الثَّانِي أَن يكون مَعْنَاهُ أَن الله لَا يمل إِذا مللتم وَمثل هَذَا قَوْلك فِي الْكَلَام أَن هَذَا الْفرس لَا يفتر حَتَّى تفتر الْخَيل وَلَيْسَ المُرَاد بذلك أَنه يفتر إِذا فترت الْخَيل وَلَو كَانَ المُرَاد هَذَا مَا كَانَ لَهُ فضل عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يفتر مَعهَا وَأي فَضِيلَة لَهُ وَإِنَّمَا المُرَاد بِهَذَا الْمثل أَنه لَا يفتر وَإِن فتر الْخَيل وَكَذَلِكَ يَقُول الْقَائِل للرجل فِي كَلَامه الألد فِي خصومته
فلَان لَا يَنْقَطِع حَتَّى يَنْقَطِع خصومه
يُرِيد بذلك أَنه لَا يَنْقَطِع إِذا انْقَطع خصومه وَلَو أَرَادَ بِهِ أَن يَنْقَطِع إِذا انْقَطَعُوا لم يكن لَهُ فِي ذَلِك القَوْل فضل على غَيره وَلَا وَجب لَهُ مدحه وَقد جَاءَ مثل ذَلِك فِي كَلَامهم وَفِي الشّعْر أَيْضا كَمَا قَالَ قَائِلهمْ
(صليت مني هُذَيْل بحرق ... لَا يمل الشَّرّ حَتَّى يملوا)
لم يرد بِأَنَّهُم يملون الشَّرّ إِذا ملوه وَلَو أَرَادَ ذَلِك مَا كَانَ لَهُم فِيهِ مدح لأَنهم حِينَئِذٍ يكونُونَ فِيهِ مثلهم بل أَرَادَ أَنهم لَا يملون الشَّرّ وَإِن مله خصومهم فعلى هَذَا يكون الْخَبَر
إِن الله عز وَجل لَا يُوصف بالملال على الْحَقِيقَة وَإِن تركُوا هم طَاعَته وَقصرُوا فِيهَا لِأَن الله عز وَجل لَا يُوصف بالملال على الْحَقِيقَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute