للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الله عز وَجل بِخلق مَا خلق

وَيحْتَمل أَيْضا أَنه قضى بِمَعْنى الْإِعْلَام كَقَوْلِه تَعَالَى {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب} أَي أعلمناهم فَكَأَنَّهُ أَرَادَ لما سبق فِي علمه وَحكمه أَنه يخلق مَا يخلق خلق كتابا فَكتب فِيهِ بِمَعْنى أَنه خلق فِيهِ كِتَابَة دَالَّة على مَا أَرَادَهُ أَن يكون فِي الْمُسْتَقْبل من الْأَوْقَات من الْحَوَادِث الَّتِي يحدث فِيهَا وَهَذَا كَمَا رُوِيَ فِي الْخَبَر الآخر

إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم ثمَّ خلق اللَّوْح فَقَالَ لَهُ أجر بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة // أخرجه الْأَمَام أَحْمد //

وَأما معنى قَوْله إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي فقد بَينا معنى الرَّحْمَة وَالْغَضَب فِي صِفَات الله عز وَجل وَأَن ذَلِك يرجع إِلَى صفة وَاحِدَة هِيَ رَحْمَة ويوصف بِأَنَّهَا إِرَادَة لتنعيم من علم أَنه يُنَعِّمَهُ بكراماته فِي الْجنَّة وَكَذَلِكَ يُقَال لهَذِهِ الصّفة غضب إِذا كَانَت إِرَادَة لتعذيب من علم أَنه يعذبه بعقوبته فِي النَّار من الْكَافرين

ثمَّ يُقَال للصادر عَن رَحمته رَحْمَة كَمَا يُقَال للكائن عَن قدرته قدرَة وللكائن عَن أمره أَمر وَكَذَلِكَ يَقُول للكائن عَن غَضَبه غضب على هَذَا الْوَجْه أَيْضا

وَإِذا حملنَا ذَلِك على هَذَا الْوَجْه ليَصِح فِيهَا التسابق والتزايد والنيل وَالْغَلَبَة لِأَن مَا هُوَ صفة لله تَعَالَى مِمَّا هِيَ الرَّحْمَة وَالْغَضَب على هَذَا الْمَعْنى كَانَ تَقْدِير تَخْرِيجه إفادتنا بِهِ مَا يظْهر من رَحمته لأهل الرَّحْمَة وَمن غضبته لأهل الْغَضَب وَأَن من

<<  <   >  >>