وَأما إحتجاجه بقوله {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا} فَغير صَحِيح فِيهِ هَذَا الْموضع من قبل أَن الله عز ذكره إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ رد الْكَافرين عَن عبَادَة الْأَصْنَام وعرفهم أَنهم يأنفون من عبَادَة من لَهُ رجل يمشي بهَا وَيَد يبطش بهَا وَعين يبصر بهَا وَأذن يسمع بهَا فَكيف يعْبدُونَ من لَيْسَ لَهُ شَيْء ذَلِك يقرعهم على عبَادَة الْأَصْنَام الَّتِي هِيَ جماد وموتى لَيْسَ لَهَا فعل وَلَا قدرَة وَلَا سمع وَلَا بصر
وَإِذا كَانَ الْقَصْد بِالْآيَةِ مَا ذكرنَا لم يكن فِيهَا مَا يُوجب إِثْبَات وصف الله عز وَجل بِالرجلِ كَمَا لَيْسَ فِيهَا مَا يُوجب إِثْبَات وصف الله تَعَالَى بالأذن وَلَا مَا يُوجب وَصفه بِأَن لَهُ أرجلا وايدي والمتمسك بِظَاهِر الْآيَة محتجا بهَا على مَا ذكر يُوجب عَلَيْهِ أَن يكون الْأَمر فِيهِ على مَا قُلْنَا من إِثْبَات مَا أجمع الْمُسلمُونَ على إِنْكَاره من القَوْل بِالْأَيْدِي والأرجل وَالْأُذن والأعين
ثمَّ ذكر صَاحب هَذَا المُصَنّف فِي الْبَاب الَّذِي تَرْجمهُ بذلك مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
يضع الْجَبَّار جلّ جَلَاله رجله فِي النَّار
وَقد ذكرنَا تَأْوِيل ذَلِك فِيمَا قبل على وُجُوه تقدم ذكرهَا لَا على معنى إِثْبَات الْقدَم صفة لله عز وَجل وَلم يذكر رُوَاة هَذَا الْخَبَر لفظ الرجل إِلَّا بَعضهم قَالَ فِي خَبره حَتَّى يضع رجله أَو قدمه
وأحتمل أَن يكون لما الْتبس اللَّفْظ وتوهم أَن الْقدَم لَا يكون إِلَّا رجلا ذكر