وَذكرنَا قَول الْقَائِل الْحق ثقيل مر وَلَيْسَ ذَلِك على معنى الثّقل بِالْوَزْنِ
وَبينا أَنه لَا يُنكر أَن يخلق الله أطيطا فِي الْكُرْسِيّ يكون ذَلِك عَلامَة للْمَلَائكَة فِيمَا يُرِيد أَن ينزل من الْعقُوبَة بِبَعْض خلقه فيثقل عَلَيْهِم ثقل استثقال لما يكون فِيمَا يَتَجَدَّد لَهُم من الهيبة والإجلال
ثمَّ ذكر أَيْضا حَدِيث أَسمَاء بنت عُمَيْس أَنَّهَا قَالَت
كنت مَعَ جَعْفَر بِأَرْض الْحَبَشَة فَرَأَيْت إمرأة على رَأسهَا مكتل من دَقِيق فمرت بِرَجُل من الْحَبَشَة فطرحت على رَأسهَا فسفت الرّيح الدَّقِيق فَقَالَت أدلك إِلَى الْملك يَوْم يقْعد على الْكُرْسِيّ وَيَأْخُذ للمظلوم من الظَّالِم // أخرجه ابْن أبي عَاصِم //
وَأعلم أَنه كَمَا لَا يَصح أَن ينفى عَن الله عز وَجل مَا أطلقهُ لنَفسِهِ من الصّفة بِرَأْي بعض أهل الْأَهْوَاء الَّذين لَا يوثق بهم فَكَذَلِك لَا يَصح أَن يُضَاف إِلَى الله سُبْحَانَهُ وصف من غير أَن يكون مضبوطا عَمَّن يوثق بِهِ وَقَول هَذِه الْمَرْأَة فمما لم يوثقه دَلِيل وَلَا حجَّة فِيهِ فِي إِثْبَات صِفَات رب الْعَالمين وَكَيف يستجيز ذَلِك وَذكر مثل هَذَا الْخَبَر فِي إِثْبَات صِفَات الله وَلَيْسَ ذَلِك مِمَّا أثْبته نَص كتاب وَلَا سنة
وَأعلم أَن وصف الله تَعَالَى ذكره بالقعود مِمَّا لم يثبت بِهِ نَص كتاب وَلَا سنة ولوثبت لَكَانَ ذَلِك مَحْمُولا على مَا تحمل عَلَيْهِ سَائِر أَوْصَاف أَفعاله كنحو مَا ذكر أَنه ينزل إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا وَمَا ذكر فِي قَوْله جلّ ذكره