وَأعلم أَنه لَا يجوز أَن يكون لله تَعَالَى مِثَال يتَمَثَّل بِهِ لِلْخلقِ لإستحالة أَن يكون لَهُ شبه أَو مثل بِوَجْه من الْوُجُوه وَإِذا لم يجز ذَلِك احْتمل معنى هَذَا الْكَلِمَة أَن يُقَال فِيهِ إِنَّه أَرَادَ أَن خلقا من خلقه يتَصَوَّر لَهُم من الْمَلَائِكَة يخاطبهم بِأَمْر الله تَعَالَى
وَيُقَال على التَّوَسُّع تمثل الله بخلقه وَالْمرَاد بِهِ مَلَائكَته ووليه كَمَا أَنهم يَقُولُونَ فِي اللُّغَة ضرب الْأَمِير اللص وَإِنَّمَا أَمر بِهِ فنسب إِلَيْهِ الْفِعْل إِذا كَانَ عَن أمره وَإِذا كَانَ كَذَلِك وأستحال أَن يكون لله تَعَالَى من خلقه مِثَال وَجب أَن يحمل على مَا قُلْنَا وَأَن يكون التَّمْثِيل لِلْخلقِ هُوَ الَّذِي يلقِي الْيَهُود ويخاطبهم عَن الله بقوله من تَعْبدُونَ
فَأَما معنى قَوْله فِي الْخَبَر الآخر
فيأتيهم الله فِي صورته الَّتِي يعْرفُونَ فَيَقُولُونَ
أَنْت رَبنَا فقد تقدم تَأْوِيل ذَلِك وَبينا أَنه نَظِير مَا فِي الْآيَة من قَوْله جلّ ذكره {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام}