وَتكلم بعد أَن بعث إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد أَن بعث أَيُّوب وَبعد أَن بعث يُوسُف ومُوسَى وَأورد من ذَلِك وَكثر
وَأعلم أَنه كَمَا يُنكر قَول من قَالَ إِن الله لم يتَكَلَّم إِلَّا مرّة وَاحِدَة كَذَلِك يُنكر قَول من قَالَ إِن الله تكلم مرّة بعد أُخْرَى لِأَن كل ذَلِك يُوجب حدث الْكَلَام
فَإِن قيل أَلَيْسَ قد رُوِيَ فِي الْخَبَر أَن الله عز وَجل ناجى مُوسَى بثمان مائَة ألف كلمة وَأَرْبَعين الف كلمة وَصَايَا كلهَا
قيل إِن ذَلِك يرجع إِلَى تكسير الإسماع والإفهام لَا إِلَى معنى الْكَلَام الَّذِي لم يزل
فَأَما كَلَام الله الَّذِي هُوَ صفة من صِفَات ذَاته غير بَائِن مِنْهُ فَكَلَام وَاحِد شَيْء وَاحِد يفهم مِنْهُ وَيسمع مَالا يُحْصى وَلَا يعد من الْفَوَائِد والمعاني وَنَظِير ذَلِك مَا نقُول
إِن علمه وَاحِد وَلكنه يُحِيط بمعلومات لَا تتناهى وَالَّذِي تقع عَلَيْهِ الْكَثْرَة والقلة المعلومات دون الْعلم وَهَذَا هُوَ معنى جملَة مَا ذكر من هَذِه الْأَخْبَار على كثرتها من قَوْله قَالَ الله وَيَقُول الله وَلَيْسَ المُرَاد تَكْرِير القَوْل وتجديده