فَبين أَن تِلْكَ الْأَصْوَات أصوات أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة وَأَن ذَلِك عِنْد قَضَائِهِ أمرا وتجديده فعلا وَلَيْسَ ذَلِك يرجع إِلَى حُدُوث الْكَلَام وَكَذَلِكَ مَا ذكره بعد كَيْفيَّة نزُول الْوَحْي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا ذكر فِيهِ من خبر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن الْحَارِث بن هِشَام سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي
وَأعلم أَن ذَلِك مِمَّا يدلك على مَا قُلْنَا من حُدُوث الْعبارَات فَتَارَة يسْمعهَا من الْملك فَيسمع كَلَام الله عِنْدهَا وَتارَة يَتَجَدَّد لَهُ فهم بإبتداء بِمَا يُرِيد الله تَعَالَى من مَعَاني مخاطباته بِالْأَمر وَالنَّهْي وكل مَا يرجع إِلَى الْعبارَات والكنايات فَحكمه الْحُدُوث وَأما الْمَكْتُوب الْمعبر فَهُوَ كَلَام الله جلّ ذكره وَلَيْسَ نزُول الْوَحْي على معنى إنتقال شَيْء من مَكَان إِلَى مَكَان وَلكنه يحدث فِيهِ وَيسمع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا سَمعه ويفهمه من كَلَام الله تَارَة عِنْد حُدُوث عباراته من أصوات وَغَيرهَا وَتارَة عِنْد حُدُوث فهم وَعلم إبتداء