للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَبين أَن تِلْكَ الْأَصْوَات أصوات أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة وَأَن ذَلِك عِنْد قَضَائِهِ أمرا وتجديده فعلا وَلَيْسَ ذَلِك يرجع إِلَى حُدُوث الْكَلَام وَكَذَلِكَ مَا ذكره بعد كَيْفيَّة نزُول الْوَحْي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا ذكر فِيهِ من خبر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن الْحَارِث بن هِشَام سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَحْيَانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وَهُوَ أَشد عَليّ فَيفْصم عني وَقد وعيت عَنهُ مَا قَالَ

وَأَحْيَانا يتَمَثَّل لي الْملك رجلا وَيتَكَلَّم فأعي مَا يَقُول // أخرجه البُخَارِيّ //

قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا

وَلَقَد رَأَيْته ينزل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الشَّديد الْبرد فَيفْصم عَنهُ وَإِن جَبينه ليقطر عرقا

وَأعلم أَن ذَلِك مِمَّا يدلك على مَا قُلْنَا من حُدُوث الْعبارَات فَتَارَة يسْمعهَا من الْملك فَيسمع كَلَام الله عِنْدهَا وَتارَة يَتَجَدَّد لَهُ فهم بإبتداء بِمَا يُرِيد الله تَعَالَى من مَعَاني مخاطباته بِالْأَمر وَالنَّهْي وكل مَا يرجع إِلَى الْعبارَات والكنايات فَحكمه الْحُدُوث وَأما الْمَكْتُوب الْمعبر فَهُوَ كَلَام الله جلّ ذكره وَلَيْسَ نزُول الْوَحْي على معنى إنتقال شَيْء من مَكَان إِلَى مَكَان وَلكنه يحدث فِيهِ وَيسمع الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا سَمعه ويفهمه من كَلَام الله تَارَة عِنْد حُدُوث عباراته من أصوات وَغَيرهَا وَتارَة عِنْد حُدُوث فهم وَعلم إبتداء

وَقد يُسمى كَلَام الله وَحيا كَمَا يُسمى الْعبارَة عَنهُ وَحيا وَهَذَا كَمَا يُسمى الْكَلَام وتلاوته قُرْآنًا وَأَحَدهمَا متلو وَالْآخر تِلَاوَة وَقد تقدم تفصيلنا لذَلِك

<<  <   >  >>