إِن مَعْنَاهُ أَن يظْهر رَحمته لَهُم وإجابته لدعائهم وَأَنه من لَهُ أَن لَا يُجيب وَلَا يرحم لِأَن الْإِجَابَة مِنْهُ فضل وَتركهَا مِنْهُ عدل فَإِذا أجابهم فقد نزل عماله أَن يفعل بهم من ترك الْإِجَابَة إِلَى أَن يفعل بهم مَا يكون من فعله متفضلا
وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون مَعْنَاهُ نزُول مَلَائكَته بأَمْره فيضاف إِلَيْهِ النُّزُول على معنى مَا وَقع بأَمْره كَمَا يُقَال نزل الْأَمِير بِموضع كَذَا إِذا نزل أَصْحَابه بأَمْره وَنفذ فِيهِ حكمه وسلطانه
وَإِذا كَانَ ذَلِك مِمَّا يحْتَملهُ اللَّفْظ وَيصِح مَعْنَاهُ وَكَانَ حمله على بَعْضهَا لَا يُؤَدِّي إِلَى وصف الله جلّ ذكره مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ كَانَ أولى مِمَّا قَالُوا
وَأما اللَّفْظ الآخر الَّذِي ذكره فِي الْخَبَر وَهُوَ قَوْله فَيَجِيء الله تبَارك وَتَعَالَى فيهم فتأويله على نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا}
أَحدهمَا أَن يكون المُرَاد بِهِ إِظْهَار فعل يُسمى مجيئا
وَالثَّانِي أَن يكون يَجِيء فيهم أَي يَجِيء بهم وَهَذَا نَحْو مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى {فِي ظلل من الْغَمَام} أَن مَعْنَاهُ بظلل وَمَا ذكرنَا فِي تَأْوِيل النُّزُول والمجيء فَهُوَ تَأْوِيل الهبوط وَأَن ذَلِك أَيْضا لَيْسَ هُوَ بِمَعْنى التَّحْوِيل من مَكَان إِلَى مَكَان