للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَهَل تحمل الْآثَار مَالا طَاقَة لنا بِهِ نعم الرب سُبْحَانَهُ يخلق مِنْهَا جملَة بعد جملَة على الْوَجْه الذى سبق بِهِ التَّقْدِير أَولا فيجىء الْخلق الْخَارِجِي مطابقا للتقدير السَّابِق كشأنه تَعَالَى فِي جَمِيع مخلوقاته فانه قدر لَهَا أقدارا وآجالا وصفات وهيئات ثمَّ أبرزها إِلَى الْوُجُود مُطَابقَة لذَلِك التَّقْدِير الذى قدره لَهَا لَا تزيد عَلَيْهِ وَلَا تنقص مِنْهُ

فالآثار الْمَذْكُورَة إِنَّمَا تدل على إِثْبَات الْقدر السَّابِق وَبَعضهَا يدل على أَنه سُبْحَانَهُ استخرج أمثالهم وصورهم وميز أهل السَّعَادَة من أهل الشقاوة وَأما مخاطبتهم واستنطاقهم وإقرارهم لَهُ بالربوبية وشهادتهم على أنفسهم بالعبودية فَمن قَالَه من السّلف فَإِنَّمَا هُوَ بِنَاء مِنْهُ على فهم الْآيَة وَالْآيَة لم تدل على هَذَا بل دلّت على خِلَافه

وَأما حَدِيث مَالك فَقَالَ أَبُو عمر هُوَ حَدِيث مُنْقَطع مُسلم بن يسَار لم يلق عمر بن الْخطاب وَبَينهمَا فِي هَذَا الحَدِيث نعيم بن ربيعَة وَهُوَ أَيْضا مَعَ هَذَا الْإِسْنَاد لَا يقوم بِهِ حجَّة وَمُسلم ابْن يسَار هَذَا مَجْهُول قيل أَنه مدنِي وَلَيْسَ بِمُسلم بن يسَار الْبَصْرِيّ قَالَ ابْن أَبى خَيْثَمَة قَرَأت على يحيى بن معِين حَدِيث مَالك هَذَا عَن زيد بن أَبى أنيسَة فَكتب بِيَدِهِ على مُسلم بن يسَار لَا يعرف

ثمَّ سَاقه أَبُو عمر من طَرِيق النَّسَائِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن وهب حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة قَالَ حَدثنِي أَبُو عبد الرَّحِيم قَالَ حَدثنِي زيد بن أنيسَة عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن عَن مُسلم بن يسَار عَن نعيم بن ربيعَة

ثمَّ سَاقه من طَرِيق سَخْبَرَة حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْملك بن وَاقد حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة عَن أَبى عبد الرَّحِيم عَن زيد بن أَبى أنيسَة عَن عبد الحميد عَن مُسلم عَن نعيم قَالَ أَبُو عَمْرو وَزِيَادَة من زَاد فِي هَذَا الحَدِيث نعيم بن ربيعَة لَيست حجَّة أَن الذى لم يذكرهُ احفظ وَإِنَّمَا الزِّيَادَة من الْحَافِظ المتقن

وَجُمْلَة القَوْل فِي هَذَا الحَدِيث أَنه حَدِيث لَيْسَ إِسْنَاده بالقائم لِأَن مُسلم بن يسَار ونعيم بن ربيعَة جَمِيعًا غير معروفين بِحمْل الْعلم وَلَكِن معنى هَذَا الحَدِيث قد صَحَّ عَن النَّبِي من وُجُوه كَثِيرَة ثَابت يطول ذكرهَا من حَدِيث عمر بن الْخطاب وَغَيره وَجَمَاعَة يطول ذكرهم

وَمُرَاد أَبُو عمر الْأَحَادِيث الدَّالَّة على الْقدر السَّابِق فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي سَاقهَا بعد ذَلِك فَذكر حَدِيث عبد الله بن عمر فِي الْقدر وَقَالَ فِي آخِره وَسَأَلَهُ رجل من مزينة أَو جُهَيْنَة فَقَالَ يَا رَسُول

<<  <   >  >>