للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله فَفِيمَ الْعَمَل فَقَالَ أَن أهل الْجنَّة ييسرون لعمل أهل الْجنَّة وَأهل النَّار ييسرون لعمل أهل النَّار

قَالَ وروى هَذَا الْمَعْنى فِي الْقدر عَن النَّبِي عَن على بن أَبى طَالب وأبى بن كَعْب وَعبد الله بن عَبَّاس وَابْن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد وَأَبُو سريحَة الغفارى وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَمْرو وَعمْرَان بن حُصَيْن وَعَائِشَة وَأنس بن مَالك وسراقة ابْن جعْشم وَأَبُو مُوسَى الأشعرى وَعبادَة بن الصَّامِت وَأكْثر أَحَادِيث هَؤُلَاءِ لَهَا طرق شَتَّى ثمَّ ساقي كثيرا مِنْهَا بِإِسْنَادِهِ

وَأما حَدِيث أَبى صَالح عَن أَبى هُرَيْرَة فَإِنَّمَا يدل على اسْتِخْرَاج الذُّرِّيَّة وتمثلهم فِي صور الذَّر وَكَانَ مِنْهُم حِينَئِذٍ الْمشرق والمظلم وَلَيْسَ فِيهِ أَنه سُبْحَانَهُ خلق أَرْوَاحهم قبل الأجساد وأقرها بِموضع وَاحِد ثمَّ يُرْسل كل روح من تِلْكَ الْأَرْوَاح عِنْد حُدُوث بدنهَا اليه نعم هُوَ سُبْحَانَهُ يخص كل بدن بِالروحِ الَّتِي قدر أَن تكون لَهُ فِي ذَلِك الْوَقْت وَأما أَنه خلق نفس ذَلِك الْبدن فِي ذَلِك الْوَقْت وَفرغ من خلقهَا وأودعها فِي مَكَان معطلة عَن بدنهَا حَتَّى إِذا أحدث بدنهَا أرسلها إِلَيْهِ من ذَلِك الْمَكَان فَلَا يدل شَيْء من الْأَحَادِيث على ذَلِك الْبَتَّةَ لمن تأملها

وَأما حَدِيث أَبى بن كَعْب هُوَ عَن النَّبِي وغايته لَو صَحَّ وَلم يَصح أَن يكون من كَلَام أَبى وَهَذَا الْإِسْنَاد يرْوى بِهِ أَشْيَاء مُنكرَة جدا مَرْفُوعَة وموقوفة وَأَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ وثق وَضعف وَقَالَ على بن المدينى كَانَ ثِقَة وَقَالَ أَيْضا كَانَ يخلط وَقَالَ ابْن معِين هُوَ ثِقَة وَقَالَ أَيْضا يكْتب حَدِيثه إِلَّا أَنه يُخطئ وَقَالَ الإِمَام أَحْمد لَيْسَ بقوى فِي الحَدِيث وَقَالَ أَيْضا صَالح الحَدِيث وَقَالَ الفلاس سيء الْحِفْظ وَقَالَ أَبُو زرْعَة ييهم كثيرا وَقَالَ ابْن حبَان ينْفَرد بِالْمَنَاكِيرِ عَن الْمَشَاهِير

وَمِمَّا يُنكر من هَذَا الحَدِيث قَوْله فَكَانَ روح عِيسَى من تِلْكَ الْأَرْوَاح الَّتِي أَخذ عَلَيْهَا الْمِيثَاق فَأرْسل ذَلِك الرّوح إِلَى مَرْيَم حِين انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقيا فَدخل فِي فِيهَا وَمَعْلُوم إِن الرّوح الذى أرسل إِلَى مَرْيَم لَيْسَ هُوَ روح الْمَسِيح بل ذَلِك الرّوح نفخ فِيهَا فَحملت بالمسيح قَالَ تَعَالَى {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فتمثل لَهَا بشرا سويا قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكيا} فَروح الْمَسِيح لَا يخاطبها عَن نَفسه بِهَذِهِ المخاطبة قطعا وَفِي بعض طرق حَدِيث أَبى جَعْفَر هَذَا أَن روح الْمَسِيح هُوَ الذى خطابها وَهُوَ الذى أرسل إِلَيْهَا

<<  <   >  >>