للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِلَادكُمْ فَقَالَ لَهُ لم أرحل لأنظر الْفِيل وَإِنَّمَا رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك فأعجبه ذَلِك مِنْهُ وَسَماهُ عَاقل الأندلس

وَإِلَيْهِ انْتَهَت الرياسة فِي الْفِقْه بالأندلس وَبِه انْتَشَر مَذْهَب مَالك هُنَالك وتفقه بِهِ جمَاعَة لَا يُحصونَ وَكَانَ مَعَ إِمَامَته وَدينه مكيناً عِنْد أُمَرَاء الأندلس مُعظما وعفيفاً عَن الولايات منزهاً جلت دَرَجَته عَن الْقَضَاء فَكَانَ أَعلَى قدرا من الْقُضَاة عِنْد وُلَاة الْأَمر هُنَالك لزهده فِي الْقَضَاء وامتناعه مِنْهُ سَمِعت الْفَقِيه الْحَافِظ أَبَا مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد يَقُول مذهبان انتشرا فِي بَدْء أَمرهمَا بالرياسة وَالسُّلْطَان مَذْهَب أبي حنيفَة فَإِنَّهُ لما ولى قَضَاء الْقُضَاة أَبُو يُوسُف كَانَت الْقُضَاة من قبله فَكَانَ لَا يولي قَضَاء الْبِلَاد من أقْصَى الْمشرق إِلَى أقْصَى أَعمال إفريقية إِلَّا أَصْحَابه والمنتمين إِلَى مذْهبه وَمذهب مَالك بن أنس عندنَا فَإِن يحيى كَانَ مكيناً عِنْد السُّلْطَان مَقْبُول القَوْل فِي الْقُضَاة فَكَانَ لَا يَلِي قَاض فِي أقطارنا إِلَّا بمشورته واختياره وَلَا يُشِير إِلَّا بِأَصْحَابِهِ وَمن كَانَ على مذْهبه وَالنَّاس سراع إِلَى الدُّنْيَا والرياسة فَأَقْبَلُوا على مَا يرجون بُلُوغ أغراضهم بِهِ على أَن يحيى بن يحيى لم يل قَضَاء قطّ وَلَا أجَاب إِلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك زَائِدا فِي جلالته عِنْدهم وداعياً إِلَى قبُول رَأْيه لديهم وَكَذَلِكَ جرى الْأَمر فِي إفريقية لما ولى الْقَضَاء بهَا سَحْنُون بن سعيد ثمَّ نَشأ النَّاس على مَا انْتَشَر وَكَانَت وَفَاة يحيى بن يحيى فِي رَجَب لثمان بَقينَ مِنْهُ من سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَخلف بعده ابْنه عبيد الله الْفَقِيه الْمَشْهُور وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْأَعْلَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن وضاح وَزِيَاد بن مُحَمَّد بن زِيَاد الْمَعْرُوف بشبطون وَإِبْرَاهِيم بن قَاسم بن هِلَال وَمُحَمّد بن أَحْمد الْعُتْبِي وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن بَان

<<  <  ج: ص:  >  >>