للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَوْطِئَة

الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

فَهَذَا كِتَابٌ فِي إِعْرَابِ المِئَةِ الأُولَى مِنْ آيَاتِ القُرْآنِ الكَرِيمِ لِغَيْرِ المُتَخَصِّصِينَ، وَهُو بَاكُورَةُ عَمَلٍ لِي كَبِيرٍ، وَقِطْعَةٌ مِنْهُ، كُنْتُ قَدْ سَمَّيْتُهُ: «المَنْشُودَ فِي إِعْرَابِ القُرْآنِ الكَرِيمِ»، وَلَمْ تَتَهْيَأْ سُبُلُ التَّفَرُّغِ لَهُ - بَعْدُ -.

وَكَانَ مَسْلَكِي فِيهِ قَائِمًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ لِتَحْقِيقِ الهَدَفِ المَنْشُودِ مِنْهُ؛ ألَا وَهُوَ تَقْوِيمُ لِسَانِ النَّاطِقِ بِالعَرَبِيَّةِ بِأَقَلِّ المَعَارِفِ النَّظَرِيَّةِ وَأَقْرَبِ الوَسَائِلِ الذِّهْنِيَّةِ.

وَأَمَّا الأَرْكَانُ فَهِيَ: تَصَوُّرُ المَعْنَى المُتَعَلِّقِ بِالإِعْرَابِ، وَالسَّلِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ، وَقَوَاعِدُ النَّحْوِ، فَأَفَدْتُ مِنَ الأَوَّلِ وَالثَّانِي مَا أَمْكَنَ، وَذَلِكَ لِلتَّقْلِيلِ مِنَ الثَّالِثِ مَا أَمْكَنَ.

فَكَانَ مَنْهَجِي فِي الكِتَابِ:

١ - أَنِّي اقْتَصَرْتُ عَلَى أَقْرَبِ قَرِينَةٍ تُوصِلُ القَارِئَ إِلَى إِعْرَابِ الكَلِمَةِ وَضَبْطِهَا عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ، فَمَا تَحَقَّقَ مِنْ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ اكْتَفَيْتُ بِهَا، وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ إِلَّا بِقَرِينَةٍ مَعْنَوِيَّةٍ فَصَّلْتُ فِي تَصَوُّرِ مَعْنَاهُ الإِعْرَابِيِّ.

أَمَّا الكَلِمَاتُ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ النَّاطِقُ بِالعَرَبِيَّةِ إِلَى قَرِينَةٍ لِنُطْقِهَا عَلَى الصَّوَابِ

ـ كَالحُرُوفِ وَالضَّمَائِرِ وَأَسْمَاءِ الإِشَارَةِ وَنَحْوِهَا - فَاكْتَفَيْتُ بِتَصْنِيفِهَا فَقَطْ، وَجَعَلْتُ مَا أُلْحِقَ بِالضَّمَائِرِ وَأَسْمَاءِ الإِشَارَةِ جُزْءًا مِنْهَا - اخْتِصَارًا وَإِيجَازًا -.

وَذَلِكَ كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْقِيقِ سَلَامَةِ النُّطْقِ لِأَوَاخِرِ الكَلِمَاتِ فِي الجُمَلِ دُونَ تَكَلُّفٍ أَوْ حَشْوٍ لَا أَثَرَ لَهُ في ضَبْطِ الكَلِمَةِ الظَّاهِرَةِ أَوْ فِي إِدْرَاكِ مَعْنًى مُتَعَلِّقٍ بِضَبْطِهَا أَوْ بِضَبْطِ أُخْرَى شَارَكَتْهَا فِي الجُمْلَةِ نَفْسِهَا، فَمَا دَامَ ضَبْطُ الكَلِمَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَ تَصَوُّرِ المَعْنَى العَامِّ لِلتَّرْكِيبِ مُتَحَقِّقًا - أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا - فَإِنَّ ذَلِكَ جَدِيرٌ بِأَنْ يُقْبَلَ بِهِ - كَحَدٍّ أَدْنَى - فِي الإِعْرَابِ التَّطْبِيقِيِّ لِغَيْرِ المُتَخَصِّصِ وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ النُّحَاةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ.

<<  <   >  >>