للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل على ذلك:

احتج القائلون بعدم التشريك بوجوه, منها قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} ١ ولا خلاف أن المراد بهذه الآية الكريمة أولاد الأم على الخصوص كما أجمع عليه المفسرون, ويدل عليه القراءة التي قرأ بها أبي وسعد بن أبي وقاص, رضي الله عنهما.

فتشريك الأشقاء مع أولاد الأم مخالف لظاهر القرآن، ويلزم منه مخالفة الآية الأخرى, وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ٢. يراد بهذه الآية الشريفة سائر الإخوة والأخوات غير أولاد الأم فقط.

وكذلك قوله, عليه الصلاة والسلام: "ألحقوا الفرائض بأهلها, فما بقي فلأولى رجل ذكر" ٣ ومن شرَّك لم يلحق الفرائض بأهلها.

وكذلك موافقة الأصل في العصبة وهو سقوطهم عند استغراق الفروض, فوجب أن يسقط العاصب. وكذلك بما قضاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما سئل عنها في العام الأول وقضى بسقوط العاصب جريا منه -رضي الله عنه- على الأصل الذي قد اشتهر من زمن الصحابة -رضي الله عنهم- إلى هذا الوقت, وهو سقوط العاصب إذا استغرقت الفروض للتركة، وهو مروي عن علي, وابن عباس، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهم- وهو إحدى الروايتين عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وبه قال الشعبي، وابن أبي ليلى، والعنبري، وشريك، ويحيى بن آدم، ونعيم بن حماد، وأبو ثور، وابن المنذر، وداود, رحمهم الله تعالى.

ولما كان العام المقبل بعد هذه الحادثة، أتي سيدنا عمر -رضي


١ سورة النساء الآية ١١.
٢ سورة النساء الآية ١٧٥.
٣ فيض القدير في شرح الجامع الصغير, جزء٢ صفحة١٥٩.

<<  <   >  >>