للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميراث حقيقة كما في القتل العمد، أو توهما كما في شبه العمد، والقتل الخطأ. ومن استعجل ما أخره الشرع يجازى برده، ومن القواعد الفقهية: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".

والتوهم في هذا الباب كالمحقق يوجب حرمان الميراث؛ لأن تهمة القصد قائمة, ويجوز أن يكون قاصدا وأظهر الخطأ من نفسه، والقصد أمر خفي فيقام السبب وهو مباشرة القتل مقام قصده، والسبب الظاهر متى أقيم مقام المعنى الخفي سقط اعتبار الخفاء. والأحكام إنما تبنى على الظاهر المعروف, فحكم بالظاهر فيما يتعذر الاطلاع على حقيقته. فكل قتل يوجب القصاص أو الكفارة يكون فاعله محروما من الميراث؛ عقوبة له وردا لقصده.

ويرد على هذا التعريف أن الأب إذا قتل ابنه عمدا لا يجب القصاص, ولا الكفارة مع أن الأب يحرم من الميراث لما تقرر أن الابن إذا قتل أباه عمدا أو خطأ لا يرثه؛ لوجوب القصاص في العمد والكفارة في الخطأ. وأما الأب فإنه إذا قتل ابنه عمدا أو خطأ يحرم من الميراث مع أنه لا يجب في العمد قصاص ولا كفارة؛ لأن القصاص قد سقط بحرمة الأبوة, فإن الأب سبب وجود الابن، ومثله ما لو ضرب امرأة فألقت جنينا ميتا فإنه تجب على القاتل الغرَّة ويحرم من الميراث مع أنه لا يجب على القاتل قصاص, ولا كفارة.

وأحسن تعريف جامع للقتل المانع من الإرث ما ذكره شمس الأئمة السرخسي في مبسوطه, وهو: "مباشرة القتل بغير حق في حق من يتحقق منه التقصير شرعا" فهو تعريف جامع مانع. فإن القتل إذا كان بغير مباشرة أو كان بحق، أو واقعا من قبل من لا يتحقق منه التقصير شرعا، فإنه لا يوجب حرمان الميراث.

أما القتل بغير مباشرة وبغير حق فله أمثلة، منها: أن يحفر

<<  <   >  >>