مناحي الحياة؛ وأمّة بلا تراث لا تاريخ لها، ومن لا يعرف تراثه فلا حاضر له ولا مستقبل.
ومن هذا المنطلق فقد كان العلامة الأنصاري "يرحمه الله" معنيًّا بالتراث الإسلامي، سيما ما يتعلّق بالعقيدة والشريعة والسنة النبوية؛ وقد صرف جلّ وقتِه الثمين في البحث عن التراث والتنقيب عنه وإبرازه للوجود بكلِّ ما لديه من طاقاتٍ وإمكانيات.
هذا، وتتجلّى عنايته بالتراث وخدمته له وللباحثين عنه في أمور كثيرة أوجزها فيما يلي:
أولاً: رحلته في البحث عنه عبر أقطار العالم، ومحاولته جمع كنوزه وفحصها واقتناءها والعناية بها.
ثانيًا: تزويد الجامعات الإسلامية والمكتبات العامة بنفائس المخطوطات المفقودة والبعيدة الموجودة؛ فقد كان "رحمه الله" يحرص أشد الحرص على اقتناء المخطوطات النفيسة ومِن ثَم تصويرها وإعطاء الأصل للجامعات أو المكتبات العامة، حتى إن أغلب ما في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية من المخطوطات هي من انتقاء شيخنا الأنصاري "يرحمه الله".
ومن المخطوطات النادرة التي كانت في حكم المفقود كتاب (التكميل في الجرح والتعديل) لابن كثير "رحمه الله"، وكان يوجد منه قطعة في مكتبة الحرم النبوي وبقيّته مفقود، وبتفتيش العلامة الأنصاري وجد تتمة الكتاب بمصر عند أحد الورّاقين فاشتراه ثم قام بتصويره، وزوّد مكتبة الحرم بنسخة منه؛ وقد أطلعني شيخنا عليه في مكتبه العامرة، وهو الذي قصّ عليّ قصة هذا الكتاب النفيس المتعلّق بعلم الرجال.