للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المصريون أساتذة الدنيا]

ويواصلُ الشيخُ حماد الأنصاري رحلته في طلب العلم فيقول:

كانت العلوم التي تندرس في البلاد في ذلك الوقت كلها قد جاءتنا من القاهرة؛ وأُريد أن أعرفكم كيف أقول لإخواني المصريين: أنتم أساتذة الدنيا، وكانت كل العلوم التي تدرس عندنا وتدخل في الحلقات التي ندرسها كلها قد أخذناها من الأزهر، ولم يكن ينقصنا سوى المدارس النظامية.

ولما جاء الشيخ محمد عبد الله سنة ١٣٥٧هـ وكان رجلاً عظيمًا درس الوحيد وصار يدرس لنا التوحيد، وما كان يتكلم إلاّ بالقرآن والحديث؛ وكنت ما زلتُ صغيرًا في ذلك الوقت، لأنني لم أخرج من البلاد إلا في عام ١٣٦٤هـ؛ فأشارت عليّ والدتي بالاتصال بهذا الشيخ لعله يعلمني شيئًا؛ وكان الشيخُ قد افتتح مدرسةً لعلوم التوحيد، ومدرسةً لتعليم الحديث؛ لأن البلاد كانت بها كل العلوم تدرس ما عدا هين العلمين، برغم أن البلاد كان بها فحولٌ في النحو واللغة والتصريف والبلاغة وأصول الفقه والتجويد والمنطق والفلسفة، لكنهم كانوا لا يعقلون على أيّ كلمة يغني بها إنسان أمامهم، وكانوا لا يقرؤون الأحاديث إلا للتبرك في رمضان.

وفي عام ١٣٦٣هـ جمعنا الطلبة حينما قامت فرنسا علينا وقالت: لا بد وأن يدخل أولادكم في مدارسنا، وكل المستعمرين من التكارنة والبيضان دخلوا مدراس الفرنسيين إلا نحن.

التوحيد: كيف استمرت رحلتكم في طلب العلم؟

ج: يقول الشيخ حماد الأنصاري: إن ما سردته لكم هي المرحلة الأولى من رحلتي في طلب العلم، وكانت بداية المرحلة الثانية عندما أصرّ الفرنسيون

<<  <  ج: ص:  >  >>