وأنا كما أخبرتكم أنني من أفريقيا السوداء؛ فنحنُ من دولة بني نصر الذين هم آخر دولة في الأندلس، وقضت عليها أسبانيا المجرمة عندما وجدت بينهم الاختلافات على الرئاسة، ووجدت تلك الفرصة، فهجت على الجميع وقضت على الإسلام، وهكذا العدو؛ فالعدو يتربّص بالمسلمين؛ فهنا لما أخذوا البلاد وقضت على تلك الدولة، وهذه آخر دولة للأنصار وعملوا محاكم التفتيش، وكان محاكم التفتيش هذه يخيّرون كل من بقي في هذين البدلين بين واحدٍ من ثلاث: إما أن يتَنَصَّر، وإما أن يخرج من البلد لا يحملُ شيئًا حتى اللباس، وإما أن يُقتل؛ وكنا ممن وقع عليهم الاختيار الثاني؛ وكان ذلك سبب خروجِنا من البلاد.
وخرجنا حتى وصلنا إلى المغرب وجلسنا فيه، ولكن وجدنا فتنًا كثيرة لم تكن أقلَّ من الفتن الموجودة في الأندلس، فخرجنا جميعًا إلى السودان والسنغال، ولما وصلنا إلى السنغلا لم نجد استقرارًا أيضًا؛ فخرجنا حتى وصلنا إلى تنبكتوا ـ والتي يسمونها مالي حاليًّا ـ، وهناك وجدنًا استقرارًا، ووجدنا بلادًا يحتاجون إلى من يوجههم، وكنا نعيشُ في قرية تابعة لتنبكتوا؛ وكان طلبة العلم يتجمعون