قضى العلامة حماد بن محمد الأنصاري حياته معنيًّا بجمع تراث السلف الصالح المخطوط منه والمطبوع؛ وكان يبذل قصارى جهده في البحث والتنقيب عن مخطوط نفيس أو قطعةٍ مفقودة أو تتمة كتاب لديه بشتّى السبل من سفرٍ أو سؤال أو فحص.
وكان للشيخ الأنصاري "يرحمه الله" القدحُ المعلَّى في هذا الجانب؛ فهو خبيرٌ بالمخطوطات، عارفٌ بخطوطها، قارئ بارعٌ لها حتى الخطوط التي يعجز عن قرائتها الفحول، إلاّ أنه سرعان ما يفكّ رموزها؛ ولقد أطلعني في حياته "يرحمه الله" على كتاب (شرح اعتقاد أصول أهل السنة والجماعة) للالكائي مخطوطًا فرأيته بخطٍّ صغيرٍ دقيق وغير واضح لا يكاد يُقرأ، ورأيته قد نسخه كاملاً بخطّه الجلي فعجبت من معرفة الشيخ وجلده على مثل ذلك السِّفر الضخم؛ ومما يجدر الإشارة إليه أن المحقّق لذلك الكتاب لم يجد عناءً؛ حيث أخذ نسخة الشيخ وهي تعتبر نسخة أخرى للكتاب واعتمدها في التحقيق لعدم قدرته على قرائتها؛ هذا مثالٌ من أمثلةٍ كثيرة تدلُّ على جليل قدر الأنصاري وعلوّ كعبه في مجال المخطوطات؛ لذا كان أغلب طلاب الجامعات في المملكة يعتمدون عليه في هذا الجانب الذي سبقت الإشارة إليه.