مقال بقلم: عبد الوهاب بن عبد العزيز الزيد "الرياض".
نُشر في مجلة (الدعوة) العدد (١٦١٨) بتاريخ:٢٠رجب عام ١٤١٨هـ الموافق ٢٠ نوفمبر ١٩٩٧م.
في يوم الأربعاء ٢١/٦/١٤١٨هـ فقدت المدينة المنورة أحد أئمتها وأعلامها الكبار، وهو الشيخ حماد الأنصاري، وفقده أهل العلم وطلابه في هذه البلاد وفي أنحاء العالم الإسلامي ممن لهم صلة بالعلم وأهله؛ فكان طيلة حياته مثالاً للعالم والمتعلم، صورة حية لفضلاء المشايخ، نظيف السريرة، صادق الود، محبوبًا لدى الجميع، مجالسُه عامرة، يتدفق إلى مجلسه العلماء قبل الطلاب، لِمَا يجدونه فيه من المباحث العلمية والمشاركة في فنون العلم، صابرًا على هذا الكم الهائل من رواد العلم، محتسبًا في نفعهم وإيصال العلم بأنواعه إليهم، باذلاً مكتبته النفيسة التي لا تكاد توجد عند غيرِه، بذلها لطلاب العلم، شكرَه على ذلك القريب والبعيد؛ نسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته.
[ترجمة الشيخ]
هو: أبو عبد اللطيف حماد بن محمد بن محمد الأنصاري الخزرجي، من ولد سعيد بن سعد عبادة الأنصاري الخزرجي "رضي الله عنهم"؛ وهذا بخطّ الشيخ "رحمه الله".
ولد سنة ١٣٤٤هـ ببلدة تسمى (تاد مكة) بأفريقيا الغربية؛ فنشأ بها وطلب العلم بفنونه على مشايخها، وقد عانى في طلبة العلم في بلاده أشد المعاناة؛ حيث إن الظروف العلمية بأدواتها المختلفة صعبة للغاية؛ إلا أن الهمة قوية والرغبة في طلب العلم شديدة؛ فحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، ثم لازم مشايخ بلده، وقد خص الشيخ حماد منهم: عمه الشيخ محمد أحمد بن محمد الذي يلقب هناك بـ (البحر) لتبحّره في العلوم، ثم خاله محمد أحمد بن تقي، وابن عمه موسى بن الكسائي، والفرضي حمود بن محمد الشريف الحسني.
ولما سمت همته ورغب في التوسع في العلم وبالأخص علم الحديث