ولاستكمال الصورة العلمية للشيخ نرى لزاماً أن نعرض للقارئ انطباعاتنا عن ثقافته بصورة أكثر تركيزاً.
في رحلة جامعية صحبناه فيها إلى ينبع "على الساحل مابين مكة والمدينة" وفي إحدى الندوات العلمية بالمخيم، استمعنا إلى فضيلته يحدثنا عن فاتحة الكتاب؛ وأشهد لقد تدفق كالسيل الهادر يقذف أفانين الدرر، فما تلكأ ولا أُرتِج عليه، فكأنما يقرأ في كتاب، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من كنوز هذه السورة؛ فهو يتحف سامعيه من هذه الكنوز بما تتسع له المناسبة.
ربما أورد خلال حديثه ما يتسع لأكثر من تفسير، فاكتفى بوجهة منه لا يقره عليها بعض الحضور ولكنه لم يدع قلباً هناك إلا ملأه رضى وانفعالاً وإعجاباً.
وبعد عام أو أكثر حدثني فضيلة الأخ الأستاذ محمد الصبَّاغ "المدرس في جامعة الرياض" عن مثل إعجابنا به، وذلك أنه سمعه يحاضر في مخيم الجامعة عن معاني الفاتحة فسحَرَ وبَهَر.
وقد لاحظت من خلال حديث الأستاذ الصباغ ما خيّل إلي أنني أقع على ميزة أخرى للشيخ حماد هي قوة الحافظة، التي تسعفه باستحضار كل ما يعلمه عن الموضوع الواحد في المناسبات المتباعدة، وهي ميزة يكاد ينفرد بها بعض المتفوقين من علماء الإسلام في إفريقية الغربية، وهي بقية من الخصائص التي عرفت في سلف هذه الأمة، حتى كان منهم من يحفظ نصف مليون حديث بأسانيدها، وقصة الإمام البخاري مع علماء بغداد أشهر من أن تذكر في هذا