الحمد لله الذي نوّر قلوب أوليائه بالإيمان، ورفع درجات أصفيائه في منازل الجنان ما امتلأت قلوبهم إلا بشكره وتوحيده، ولا لهجت ألأسنتهم إلاّ بذكره وتمجيده. بعثَ الرسلَ مبشرين ومنذرين، وجعلهم حجة على خلقه إلى يوم الدين.
والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين الذي ختم الله به الأنبياء والمرسلين، وجعل أتباعه له كالحواريين.
وبعد:
فإنه لا يخفى على طالب علم وراغب فهم ما لسير العلماء الربّانيين من مكانة في نفوس الطالبين، وما فيها من عبرٍ وعظات للمتدبرين لما تضمنته من جليل خصالهم، وحميد ذكرهم وفعالهم، ولما لهم من الفضائل المنيفة، والخصال الشريفة؛ ولذلك دأب العلماء في القديم والحديث على تدوين سير أهل العلم والفضل وتراجمهم فألّف الخطيب "رحمه الله": (تاريخ بغداد) ، وصنّف ابن عساكر "رحمه الله"(تاريخ دمشق) ، ودوّن الذهبيُّ "رحمه الله" كتبه الشهيرة: (تذكرة الحفّاظ) ، و (تاريخ الإسلام) ، و (سير أعلام النبلاء) ، وغيرها كثير من المصنَّفات التي عُنيت بتراجم الرجال وطبقاتهم ووفياتهم وأخبارهم وسيرهم مما لا يخفى؛ هذا على وجه العموم.
وعلى وجه الخصوص ألَّف الحافظُ ابن رجب "رحمه الله": (مختصر سيرة عمر بن عبد العزيز) ، و (سيرة عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز) ، وألف السخاويُّ "رحمه الله" ترجمةً حافلةً للحافظ ابن حجر أسماها: (الجواهر والدُّرر) ، وألَّف شيخنا الأنصاري ترجمة لشيخه عبد الله المدني بعنوان:(دعوة الشيخ محمد بن عبد الله المدني في الصحراء الكبرى وأثرها) .