نشأتُ في بيئة علمية في مدينة (قاوة) التي ما زالت تشهد نشاطًا علميًّا نادرًا في علوم اللغة والتاريخ والأدب والتفسير والفقه المالكي خاصة في مركز (مناقة) الذي يشهد نشاطا علمًا كبيرًا ...
وهكذا نشأتُ في هذه البيئة في هذه البلدة التي لم تتغير إلا عندما تم جلاء الاستعمار منها عام ١٣٨٠هـ؛ وأذكر أني حضرت اجتماعًا دعا إليه الحاكم الفرنسي نيابة عن عمي الذي كان مفتيًا وقاضيًا، وكان مسنًّا لا يستطيع أن يمتطي الجمل للذهاب لمقر هذا الاجتماع الذي طلب فيه الحاكم الفرنسي منا أن نسمح لأبنائنا للدارسة في المدرسة التي يود إقامتها لهم.. فطلب منا تحقيق ذلك الهدف إما بالمرونة أو القوة.
ومنذ أن دخل المستعمرون لبلادِنا منعنا أبنائنا من الدراسة في المدارس الفرنسية؛ لأننا كنا نرى أن لك نوعًا من الكفر ...
ورفض الحاضرون طلب الحاكم الذي أصرّ على تحقيق ذلك بالقوة، فأمر العسكر بالدخول للبلد لأخذ أبنائنا، وحصل ذلك، فقال لنا بالحرف الواحد:"إننا سنفتح لأبنائكم مدارس في بلدكم وتختارون أنتم المدرسين فاطمئنوا" فاطمأن الناسُ.
وبدأ إنشاء المدرسة.. فعيّنوني أحدّ المدرسين لتدريس الشريعة، فرفضت ذلك بحجة أنني لا أدرِّس مع الكفار. ورأيت أنني إذا مكثت سيد خلوني بالقوة