لكن ما الذي جعلك تغادر "تادا مكة" وترحل عنها؟ هل هو طلب العلم أمْ أنّ هناكَ أسبابًا أخرى؟
خرجتُ من البلاد سنة ١٣٦٥هـ في سنة انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ وكان لخروجي سبب وهو أنّ الحاكم الفرنسي لتلك البلاد طلب من الأهالي عدة مرات أن يرسلوا له عددًا من أولادهم للتعليم الفرنسي، ولكنهم رفضوا، وقالوا: الفرنسيون ينصّرون أبناءنا؛ وترك الأهالي.
وفي سنة ١٣٦٤هـ جاء غازيًا لنا بأربعمائة جندي من التكارنة مدججين بالبنادق والرشاشات، وجاءنا على غفلة بدون إنذار أو إشعار، جاءنا ونحنُ نؤدِّي صلاةَ المغرب بالمسجد، وعندما سلمنا فإذا بهم على باب المسجد ومعه مترجم، وقال له: قل لهم: لا يخرج أحد إلا بشرط واحد وهو أن تسلموا لنا العدد الذي نريدُه من أولادكم، ولا تقولوا كلمةً واحدةً غير هذه فدمُه هدر.
وخرج إليه بعض المسئولين بالبلدة وقال له: نريد أن نتفاهم يا كومندي، فقال له المسئول: بالمروءة لا نسلمهم لكم، وما دامت المسألة بالقوة لا نستطيع أن نقاومك؛ ثم أمر كومندي القائد الفرنسي الجند بدخول البلد على أساس أنّ