على إدخالنا مدارسهم، فأشار علينا الشيخ محمد عبد الله بقوله: أنا من رأيي أن تأخذوا ما بقيَ من أولادكم وتذهبون إلى الحجاز؛ وكان هذا هو سبب خروجنا من إفريقيا.
وفعلاً تركنا البلاد، وركبنا الجمال حتى وصلنا إلى (كانوا) في نيجيريا، ومن هناك ركبنا السيارات بعد أن بعنا الجمال، ثم توجهنا إلى (تشاد) التي هي عاصمتها (أنجمينا) حاليًّا؛ وهناك وجدنا أحد العلماء الذين تعلموا في الأزهر، وجلسنا معه في حلقاته، وقدمنا طلبًا إلى الحاكم هناك بأن سمح لنا بالحج؛ فرفضوا ذلك، وخرجنا متسللين نمشي باللين ونكمن بالنهار حتى وصلنا إلى (أم درمان) ثم (بورسودان) .
وهناك كوّنتُ مكتبة في (بورسودان) ، كوّنتُها من مكتبة إبراهيم المصري في (بورسودان) ؛ وهي المكتبة الوحيدة التي وجدتها في (بورسودان) ؛ وبها كتب العلم في التوحيد والحديث وغير ذلك، وأخذت منها كمية كبيرة.
وفي اليوم الذي حدته للسفر من (بورسودان) إلى الحجاز كان عندي ثلاث حقائب كبيرة من الكتب، وعندما جئتُ إلى الباخرة ورآني الإنجليزي المشرف على الرحلة وطلب مني فتح القائق قال لي: أنت تاجر كتب وذاهب إلى الحجاز لتجارة الكتب، فقلت له: لا، أنا طالب علم. وأتيت إلى جدة.