توفي أبي وعمري ثمان سنوات، ونشأتُ يتيمًا في كفالة عمي "شقيق أبي"، وكان لي خالٌ، وهو طالبُ عليم شرعي؛ فطلب من عمي أن أكونَ عنده، لأن عندَه مدرسة للأولاد يعلمهم القرآن ومبادئ العلوم الإسلاميّة والعربيّة.
وهناك في مدرسة خالي بدأتُ رحلتي مع الدراسية وطلب العلم. وطريقة الدراسية هناك بالنسبة للأطفال هي: الدراسة بالكتاتيب، وليس عندنا منهاج ولا مقررات، وإنما ندرُس في الألواح؛ ودرست حروف الهجاء والقرآن ومبادئ نحوية وفقهية في المذهب المالكي، ومنها كتابان في المذهب المالكي مختصرين لتدريس الأطفال أحدهما يسمى "الأخضر"، والأخرُ يسمى "العبقري"؛ وكانت الدراسة على الألواح، والسببُ في ذلك: أن الكتب قليلة عندنا، والكتب التي كانت عندنا كلها مخطوطة؛ والألواحُ من الخشب تختلف من الحجم الكبير إلى المتوسط والصغير؛ وجميعُ الدروس حفظتُها على اللوح حتى القرآن الكريم.
وطريقتُنا في اللوح نكتب ربعًا أو ثمنًا ونأخذ اللوح ونحفظه، ثم نسمع على الأستاذ المقرئ، وهكذا؛ وإذا انتهينا من كتابة موضوع وحفظناه نغسل اللوح، ونكتب فيه درسًا آخر.
وبعد القرآن نأخذ مبادئ نحوية وهي "الآجرومية"، وبعدها "ملحة الإعراب" للحريري.
ثم بعدَ ذلك مبادي في التوحيد؛ والتوحيدُ في أفريقيا كلها هو فلسفة