حدودها، بريطانيا على الجنوب وفرنسا على الشمال؛ وذلك لمنع المرور من فرنسا إلى بريطانيا والعكس صحيح، إلا لمن يحمل الجواز، إذا ألقي القبض على شخص لا يحمل جوازًا يتعرض لعقاب شديد.
ورغم ذلك توجهنا ـ ٤٠ من كلية العلم ـ للسفر ليلاً وتلاوة القرآن نهارًا؛ ولما اقتربنا من المعسكر الفرنسي عند العصر حطّينا الرحال لنصلي العصر والمغرب والعشاء جميعا؛ وبعد ذلك واصلنا سيرنا عبر الحدود التي كانت عبارة عن غابة فيها طريق لا يسع إلا لشخص واحد فقط ليتم التمكن من القبض عليه بسهولة.
وعندما وصلنا إلى هذا الغابة وجدنا أن جميع العساكر فيها سنغاليون لا يعرفون لغتنا، ولكنا عرفنا طريقة الخلاص؛ فكانت معنا مبالغ نقدية، أغلبها جنيهات مصرية وصلت إلى مالي بخطة معينة؛ حيث أننا عندما عزمنا الخروج من البلد أرسلنا أحدنا إلى نيجيريا كانت معه مبالغ من الفرنكات الفرنسية التي كانت مستخدمة لدينا آنذاك؛ وعندما وصل إلى (كانوا) في نيجريا الشمالية صرف هذه الفرنكات بالجنيهات المصرية التي وضعناها في القرب.
وسألنا العسكري عن النقود التي كنا نحملها، فقلنا له: لا نحمل أية مبالغ نقدية، ففتشنا دون أن يجد شيئا؛ وكان بإمكان هذا العسكري أن يحبسنا، ولكن قبل أن نصل إلى هذه الحدود نزلنا عند والد (حامد الغابد) الذي ينتمي إلى قبيلة (أوجيس) التي لا يمنع السفر منها، لأنها من نفس المنطقة التي فيها هذا العسكري الذي سمح لنا بالمرور.
وعندما وصلنا إلى العسكري البريطاني سألنا عن ما فعله بنا العسكري الفرنسي، قلنا له: سلمنا منه الله عز وجل؛ فما كان من العسكري البريطانيين إلا السماح لنا بالمبيت عندهم، وأكرموا وفادتنا، ثم سمحوا لنا بالمرور.
وبعد ذلك دخلنا نيجيريا الآمنة؛ وهكذا واصلنا مشوارنا بعد شهرين قضيناهما للبحث عن جواز سفر؛ لأنه يمنع الخروج من نيجيريا إلا