طرف الدكة كتاب، فأخذت الكتاب ونظرت إليه، فإذا هو كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة الجهمية" لابن القيم، فأخذت الكتاب أتسلى به؛ ولما رآني أخذت الكتاب وبدأت أقرأُ فيه، تأخّر عني، حتى قدّر من الوقت الذي آخذ فيه فكرة عن الكتاب؛ وبعد فترة من الوقت وهو يعمل في حقله وأنا أقرأُ في الكتاب جاء الفلاّح وقال: السلام عليك يا ولدي، كيف حالُك، ومن أين جئت؟، فأجبتُه عن سؤاله، فقال لي: والله أنت شاطر، لأنك تدرجت في طلب العلم حتى توصلت إلى هذه المرحلة، ولكن يا ولدي أنا عندي وصية، فقلت: ما هي؟، قال الفلاّح: أنت عندك شهادة تعيشك في كل الدنيا في أوروبا في أمريكا، في أيِّ مكان، ولكنها ما علمتك الشيء الذي يجب أن تتعمله أولاً، قلت: ما هو؟، قال: ما علمتك التوحيد، قلت له: ما هو التوحيد، قال الفلاّح: توحيد السلف، قلت له: وما هو توحيد السلف؟، قال له: انظر كيف عرف الفلاّح الذي أمامَك توحيد السلف، قال له: هي هذه الكتب: كتاب (السنة) للإمام أحمد الكبير، وكتاب (السنة) للإمام أحمد الصغير، وكتاب (التوحيد) لابن خزيمة، وكتاب (خلْق أفعال العباد) للبخاري، وكتاب (اعتقاد أهل السنة) للحافظ اللالكائي؛ وعدَّ له كثيرًا من كتب التوحيد، وذكر الفلاّح كتب التوحيد للمتأخرين، وبعد ذلك ذكر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم؛ وقال له: أنا أدلك على هذه الكتب إذا وصلت إلى قريتك ورأوك وفرحوا بنجاحك لا تتأخّر ارجع رأسًا إلى القاهرة، فإذا وصلت إلى القاهرة، ادخل (دار الكتب المصرية) ستجد كل هذه الكتب التي ذكرتُها كلها فيها؛ ولكنها مكدّسٌ عليها الغبار، وأنا أريدُك أن تنفض ما عليها من الغبار وتنشرها.
وكانت تلك الكلمات من الفلاّح البسيط الفقيه قد أخذت طريقَها إلى قلب الشيخ حامد الفقي؛ لأنها جاءت من مخلِص.