ثمانية أميال بحرية ما يقدر بثمانين كيلو، فوصلنا جبل طارق قبل الظهر في يوم الأربعاء فوجدنا هناك عجائب وغرائب من الملاجئ التي في الجبل الواقف في البحر، بحيث أن البحر الأبيض المتوسط والبحر المحيط الأطلسي محيطان بذات الجبل إحاطة القلادة بالعنق، فتمكنا ونحن عند الجبل من النظر إلى المدن الأندلسية المجاورة للجبل، منها الجزيرة الخضراء، ومنها طريف، وملاوة، وكذلك سبتة في العدوة الثانية التي تلي بلاد المغرب على البحر الأبيض المتوسط.
وقد قضينا يومًا كاملاً عند جبل طارق فرأينا الدار التي بناها طارق بن زياد على سفح الجبل ما زالت قائمة على جدرانها، ودخلنا في مغارتين عظيمتين في داخل الجبل إحداهما طبيعية والأُخرى مصنوعة، فرأينا في هاتين المغارتين مدافع جيدة كبيرة نصبتها بريطانيا على الجبل في إحدى المغارتين موجهة إلى أسبانيا حيث لم يكن بينهم وبين أسبانيا إلاّ أمتار قليلة، ثم رجعنا إلى طنجة في نفس الباخرة التي أخذتنا إلى الجبل، فوصلناها في ليلة الخميس الموافق ١/٩/١٣٩٦هـ، وفي صباح هذا الخميس توجهنا مع الإخوان من طنجة إلى تطوان، فوصلناها ضحى، فدخلنا في المكتبة العامة للبحث عن المخطوطات فوجدنا في المكتبة العامة بتطوان بعض الفهارس للمخطوطات، فلم ننتق منها إلاّ رسالتين إحداهما لشيخ الإسلام ابن تيمية بعنوان (الاجتهاد وعدم التقليد) ، والأخرى رسالة لابن أبي العز شارح الطحاوية بعنوان:(صحة اقتداء الحنفي بالشافعي) ، فصورناهما في الحال لصغرهما.
ثم بتنا ليلة الجمعة الموافق ٢/٩/١٣٩٦هـ، وقد وصلنا مكناس بعد الظهر لكثرة توقف الحافلة في محطّات كثيرة تنزل ناسًا وتأخذ آخرين، وقد أصابنا في هذه الرحلة تعب كبير.
ومن الجدير بالذكر: أن المكتبات في تونس والمغرب التي وقفنا عليها يغلب