إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن الله قد امتن علينا، فأنطقنا بلغة القرآن، أفضل لغات الأمم، وأعظمها بياناً في اختصار، فقد خاطبنا فيه بلسان عربي مبين، وفصل لنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ما أجمل في القرآن، وبين للناس ما تشابه عليهم فيه، حيث جاءت الشريعة بأحكام عقيدة لم تكن معهودة في الجاهلية، ووردت ألفاظ تحمل دلالة خاصة عما هو معروف في أصل اللغة، وهي الدلالة الشرعية، والدلالة العرفية، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمعنى اللفظ في اللغة، وقد بين رسول الله للأمة دينها، ثم حمل هذا الدين من كل خلف عدوله، ينفون عن كتاب الله وسنة رسوله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، فقد افترقت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى فرق شتى، كل طائفة تزعم أنها على الحق، لكن الحق ما وافق كتاب الله وسنة رسوله، وكان أسعد الناس بهذه الموافقة أهل السنة والجماعة.
وقد تواضع كثير من هذه الطوائف على معان خاصة لألفاظ العقيدة الواردة في الكتاب والسنة، مغايرة لمعناها الشرعي، كما استحدث كثير منهم مصطلحات ضمنوها معاني تابعة لمنهجهم في الاعتقاد، لذا كان لزاما على كل طالب علم أن يعلم المعاني الشرعية، وأن يطلع على مصطلحات المخالفين، ويعرف مرادهم بها ليتمكن من رد باطلهم، وإيضاح الحق لهم. بل قد قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " وهذه الحدود معرفتها من الدين في كل لفظ هو في كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قد تكون معرفتها فرض عين، وقد تكون فرض كفاية، ولهذا ذم الله - تعالى - من لم يعرف هذه الحدود بقوله - تعالى -: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}[التوبة - ٩٧] .. وبالجملة فالحاجة إلى معرفة هذه الحدود ماسة لكل أمة، وفي كل