للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الخامسة: تجنب التشبه بغير المسلمين في الألفاظ والمصطلحات.

١ - صورة القاعدة:

يقول الإمام الشافعي - رحمه الله -: "ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس١"٢. ومن منهج أهل السنة تجنب التشبه بغير المسلمين، ومن ذلك التشبه بهم في الألفاظ والمصطلحات العقدية.

٢ - فقه القاعدة:

إن الله - عز وجل - بين للناس في كتابه وسنة رسوله تفاصيل دينهم، وخاطبهم بما يفهمونه من الألفاظ العربية، فالعدول عنها إلى لغات الأمم يسبب الالتباس والاشتباه على الناس في أمور عقيدتهم، لاسيما إذا كانت تلك الألفاظ من الألفاظ المجملة المشتبهة، كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذر أمته من التشبه بغير المسلمين فقال: "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟! " ٣.

ولذا كان من منهج أهل السنة في ألفاظ العقيدة عدم التشبه بالأمم الأخرى في ألفاظها، ومصطلحاتها العقدية، وهو أمر تميزوا به عن سائر الطوائف. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وأرباب المقالات تلقوا عن أسلافهم مقالات بألفاظ لهم؛ منها ما كان أعجمياً فعربت، كما عربت ألفاظ اليونان والهند والفرس وغيرهم، وقد يكون المترجم عنهم صحيح الترجمة، وقد لا يكون صحيح الترجمة، ومنها ما هو عربي. ونحن إنما نخاطب الأمم بلغتنا العربية"١.


١ - أرسطاطاليس، ويقال أرسطوطاليس بن نيقوماخوس الطبيب، ولد سنة ٣٨٤ ق. م، من متأخري فلاسفة اليونان، وهو مع ذلك المقدم المشهور، ولقب بالمعلم الأول لأنه واضع التعاليم المنطقية ومخرجها من القوة إلى الفعل، وتتلمذ على أفلاطون، وكان أرسطو يلقي دروسه على تلاميذه وهم يمشون، لذا لقب أتباعه بالمشائين. انظر: الملل والنحل ٢/١١٩، قصة الفلسفة لول ديورانت ص٧٣، المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا ٢/٣٧٣، الموسوعة الفلسفية للدكتور الحفني ص٣٦.
٢ - صون المنطق ص١٥.
٣ - أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني اسرائيل ٣/١٢٧٤ح ٣٢٦٩، ومسلم في كتاب العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى ٤/٢٠٥٤ح ٢٦٦٩.
١ - درء التعارض ١/٢٩٩.

<<  <   >  >>