للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصدر الرابع: الكشف.

يعد الكشف المصدر الرئيس للمعرفة عند الصوفية، ومن دخل في التصوف من فلاسفة ومتكلمين، وما وافق الكشف عندهم من الكتاب والسنة أقروه، وما خالف كشفهم تأولوه!!.

والكشف عند الصوفية: هو الاطلاع على ما وراء الحجاب، من المعاني الغيبية والأمور الخفية الحقيقية وجوداً أو شهوداً١.

وكما نصب المتكلمون العقل حاكماً على النقل، ينصب هؤلاء الصوفية الكشف حاكماً على النقل. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض رده على من قدم العقل على النقل: "وهذا الذي ذكره هذا في العقل، ذكره طائفة أخرى في الكشف، كما ذكرهأبو حامد في كتابه الإحياء، في الفرق بين ما يتأول وما لا يتأول، وذكر أنه لا يستدل بالسمع على شيء من العلم الخبري، وإنما الإنسان يعرف الحق بنور إلهي يقذف في قلبه، ثم يعرض الوارد في السمع عليه، فما وافق ما شاهدوه بنور اليقين قرروه، وما خالف أولوه"٢.

قال أبو حامد في بيان الكشف الذي يحصل لبعض الخواص: "القلب مثل المرآة، واللوح المحفوظ مثل المرآة أيضاً، لأن فيه صورة كل موجود؛ وإذا قابلت المرآة بمرآة أخرى حلت صور ما في إحداهما في الأخرى، وكذلك تظهر صور ما في اللوح المحفوظ إلى القلب إذا كان فارغاً من شهوات الدنيا، فإن كان مشغولاً بها كان عالم الملكوت محجوباً عنه، وإن كان في حال النوم فارغاً من علائق الحواس طالع جواهر عالم الملكوت، فظهر فيه بعض الصور التي في اللوح المحفوظ، وإذا أغلق باب الحواس كان بعده الخيال، لذلك يكون الذي يبصره تحت ستر القشر، وليس كالحق الصريح مكشوفاً، فإذا مات أي


١ - انظر: التعريفات للجرجاني ص ٢٣٥، التوقيف ص ٦٠٤، المعجم الصوفي د. الحفني ص ٢٠٨، ٢٣٨، معجم الكلمات الصوفية لأحمد النقشبندي ص ١٨٤، وانظر البحث ص ٤٦١وما بعدها.
٢ - درء التعارض ٥/٣٣٩ - ٣٤٠، وانظر: بيان تلبيس الجهمية ١/٢١٢، الرد على المنطقيين ص ٥١٠.

<<  <   >  >>