للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الثانية: التزام معاني اللغة ودلالاتها.

١ - صورة القاعدة:

"إن الله عز وجل أنزل القرآن عربياً لا عجمة فيه، بمعنى أنه جار في ألفاظه ومعانيه وأساليبه على لسان العرب"١، ولن يعلم تفسير كتاب الله من جهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفرقها، ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها٢. لذا يهتم أهل السنة بمعرفة معاني اللغة، ودلالاتها، في ألفاظ العقيدة، ويلتزمونها.

٢ - فقه القاعدة:

يلتزم أهل السنة والجماعة معاني اللغة ودلالاتها؛ لأنهم يلتزمون ألفاظ الكتاب والسنة وقد جاءت تلك على لسان العرب. فهم عندما يريدون أن يبينوا معاني ألفاظ كتاب الله وسنة رسوله يعتمدون على معرفتهم بلغة العرب، وسعة معانيها، وتعدد ألفاظها، وجعلوا ذلك من شرائط الإمامة في الدين." قال علماء السلف: لا يكون الرجل إماماً في الدين حتى يكون جامعاً لهذه الخصال: يكون حافظاً للغات العرب، واختلافها، ومعاني أشعارها، حافظاً لاختلاف الفقهاء والعلماء، ويكون عالماً فقيهاً حافظاً للإعراب والاختلاف فيه.."٣.

ويقول الإمام الشاطبي٤ - رحمه الله -: "..فعلى الناظر في الشريعة، والمتكلم فيها أصولاً وفروعاً، أمران: أحدهما: أن لا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربياً، أو كالعربي، في كونه عارفاً بلسان العرب، بالغاً فيه مبالغ العرب، أو مبالغ الأئمة المتقدمين.. وليس المراد أن يكون حافظاً كحفظهم، وجامعاً كجمعهم، وإنما المراد أن يصير فهمه عربياً في الجملة..والأمر الثاني: أنه إذا أشكل عليه في الكتاب، أو في السنة، لفظ أو معنى فلا يقدم


١ الإعتصام للشاطبي ٢/٢٩٣.
٢ - انظر: الرسالة ص ٥٠.
٣ - الحجة في بيان المحجة ١/٣٠٦.
٤ - هو الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي برع في علم أصول الفقه، من مؤلفاته الموافقات، الاعتصام، الإفادات، توفي سنة ٧٩٠ هجرية. انظر: شجرة النور الزكية ١/٢٣١، نيل الابتهاج ص ٤٦.

<<  <   >  >>