للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرابعة: استعمال الألفاظ المجملة]

...

٤ - استعمال الألفاظ المجملة.

استعمل المتكلمون والفلاسفة ألفاظاً مبتدعة، حيث وضعوا لها معنى لم يرد في الشرع، وكان من هذه الألفاظ المبتدعة ألفاظ فيها إجمال وإبهام فهي تحتمل معنى حقاً، وتحتمل أيضا معنى باطلاً، وهم يلبسون من خلالها على عوام الناس.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة، وتلك الألفاظ تكون موجودة مستعملة في الكتاب والسنة وكلام الناس، لكن بمعان أخر غير المعاني التي قصدوها هم بها، فيقصدون هم بها معاني أخر فيحصل الاشتباه والإجمال"١. ثم بين - رحمه الله - بعض الأمثلة لهذه الألفاظ التي يستخدمون فقال: "كلفظ العقل، والعاقل، والمعقول، فإن لفظ العقل في لغة المسلمين إنما يدل على عرض إما مسمى مصدر عقل يعقل عقلاً، وإما قوة يكون بها العقل وهي الغريزة، وهم يريدون بذلك جوهراً مجرداً قائماً بنفسه.

وكذلك لفظ المادة والصورة، بل وكذلك لفظ الجوهر والعرض، والجسم والتحيز، والجهة والتركيب والجزء، والافتقار والعلة والمعلول، والعاشق والعشق والمعشوق، بل ولفظ الواحد في التوحيد، بل ولفظ الحدوث والقدم، بل ولفظ الواجب والممكن، بل ولفظ الوجود والموجود والذات وغير ذلك من الألفاظ"٢.

فهذه الألفاظ بعضها قد ورد في الشرع، ولكنهم وضعوا له معنى يخالف ما ورد في الشرع، وبعضها ألفاظ مجملة مشتبهة، ومع ذلك جعلوها أصول الدين، واعتنوا بها، وتركوا ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحرفوه عن معناه الصحيح، وهذه سمة ظاهرة لما يستعملونه من ألفاظ ومصطلحات في العقيدة.


١ - درء التعارض ١/٢٢٢ وانظر النسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/٢٦.
٢ - درء التعارض ١/٢٢٢.

<<  <   >  >>