للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يبقى النظر في إطلاق ذلك اللفظ ونفيه، وهي مسألة فقهية، فقد يكون المعنى صحيحاً ويمتنع من إطلاق اللفظ لما فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعاً ولكن المعنى الذي أراده المتكلم باطل"١.

وهذه قاعدة متبعة عند سلف الأمة، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "والمقصود هنا أن أئمة السنة كأحمد بن حنبل وغيره، كانوا إذا ذكر لهم أهل البدع الألفاظ المجملة كلفظ الجسم والجوهر والحيز ونحوها؛ لم يوافقوهم لا على إطلاق الإثبات، ولا على إطلاق النفي"١، ويقول عن نفسه: "وما يذكر من الألفاظ المجملة فإني أبينه وأفصله"٢.

وهذه الألفاظ المجملة التي تلبس على الناس في عقيدتهم، كانت سبب ذم السلف لعلم الكلام، إذ لم يذموه لمجرد الاصطلاحات المولدة فيه، بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه الألفاظ والعبارات فيها من الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجب النهي عنه، فهي مشتملة على معانٍ مجملة في النفي والإثبات٤. وهذا يؤدي إلى الالتباس وعدم بيان الحق، فأكثر اختلاف الناس سببه هذه الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهة.


١ - درء التعارض ١/٢٩٦ - ٢٩٧، وانظر: بيان تلبيس الجهمية ١/١٠٠.
١ - بيان تلبيس الجهمية ١/٥٢٢ وانظر ١/٢٢, ٤٧, ٥٤ من المرجع نفسه.
٢ - التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/٢٦.
٤ - انظر: درء التعارض ١/٤٤، ٢٣٢.

<<  <   >  >>