للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الإماتة في الشرع:

ورد فعل الإماتة في القرآن الكريم "أمات" بتصريفاته، كما جاء لفظ الموت والموتى والميت ونحوها من تفريعات هذه المادة، والذي يهم هنا هو ما كان قريباً من المصدر "الإماتة" وهو فعل الإماتة. وقد جاءت الإماتة بمعنى إخراج الروح من الجسد، أو قبض الأرواح كما في قوله - تعالى -: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة - ٢٥٩] وقوله - تعالى -: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس - ٢١] ، يقول الطبري - رحمه الله - عند شرح قوله - تعالى -: {وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة - ٢٨] الإماتة: "هي خروج الروح من الجسد"١، وقال: "ثم يميتكم بقبض أرواحكم، وإعادتكم كالذي كنتم قبل أن يحييكم؛ من دروس ذكركم، وتعفي آثاركم، وخمول أموركم"١.

ويقول ابن القيم - رحمه الله -: "موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها، وخروجها منها"٣.

وقوله - تعالى -: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر - ١١] وقوله - تعالى -: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة - ٢٨] ، والإماتة هنا تعني جعلهم أمواتاً في أصلاب آبائهم، لم يكونوا شيئاً، يقول ابن القيم - رحمه الله -: "فكانوا أمواتاً وهم نطف في أصلاب آبائهم، وفي أرحام أمهاتهم، ثم أحياهم بعد ذلك، ثم أماتهم، ثم يحييهم يوم النشور"٤.

ويذكر الشوكاني - رحمه الله - قولين في معنى قوله - تعالى -: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر - ١١] فيقول: "والمراد بالإماتتين أنهم كانوا نطفاً لا حياة لهم في أصلاب آبائهم، ثم أماتهم بعد أن صاروا أحياء في الدنيا..وقيل: معنى الآية أنهم أميتوا في الدنيا عند انقضاء آجالهم، ثم أحياهم الله في قبورهم للسؤال، ثم أميتوا ثم أحياهم الله في الآخرة،


١ - تفسير الطبري ١/١٨٨، وانظر: تفسير القرطبي ٣/٢٩١.
١ - تفسير الطبري ١/١٨٨.
٣ - الروح ص ٤٩.
٤ - المرجع السابق ص٥٠، وانظر: تفسير ابن كثير ١/٥٨، تفسير الطبري ١/١٨٦، تفسير القرطبي ١/٢٤٩، مجموع الفتاوى ٤/٢٧٤ - ٢٧٥، شرح الطحاوية ٢/٥٧١.

<<  <   >  >>