للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخصائص عوارض نسبية لها، وهم ينفون مثل هذا ويردون عليه، فيلزمهم طرد ذلك في صفة الكلام١.

رابعاً: أن جمهور الناس من أهل السنة والمعتزلة وغيرهم أنكروا ذلك، وقالوا: إن فساد هذا معلوم بصريح العقل، فإن التوراة إذا عربت لم تكن هي القرآن، ولا معنى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص - ١] هو معنى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد - ١] ٢.

أما المعتزلة فيقال لهم:

أولاً: أن الله فرق بين الخلق والأمر بقوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف - ٥٤] فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام٣.

ثانياً: يقال لهم إن الله فرق بين الخلق والأمر، فالخلق يكون بأمره كما قال - تعالى -: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس - ٨٢] ، ولو كان الأمر مخلوقاً للزم أن يكون مخلوقاً بأمر آخر، والآخر بآخر إلى مالا نهاية له، فيلزم التسلسل وهو باطل٤.

ثالثاً: أن طرد باطلهم هو أن تكون جميع صفات الله مخلوقة، كالعلم والقدرة وغيرهما، وذلك صريح الكفر، حيث يستدلون بقوله - تعالى -: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر - ٦٢] ، فإن علم الله شيء وقدرته شيء وحياته شيء، فيدخل ذلك في عموم كل فيكون مخلوقاً بعد أن لم يكن، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً٥.


١ - انظر: التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى ٥/١٧٦ - ١٧٧ بتصرف.
٢ - انظر: درء التعارض ١/٢٦٧.
٣ - انظر: فتح الباري ١٣/٥٣٢ - ٥٣٣.
٤ - انظر: خلق أفعال العباد ص ٣٨، شرح العقيدة الطحاوية ١/١٧٩.
٥ - انظر: شرح العقيدة الطحاوية ١/١٧٩.

<<  <   >  >>