للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وكما سبق - فهناك نزاع اصطلاحي بين النظار، فيما يوصل النظر فيه إلى الاعتقاد الراجح، هل يسمى دليلاً؟ أو يخص باسم الأمارة؟. والجمهور يسمون الجميع دليلاً، ومن أهل الكلام من لا يسمي بالدليل إلا ما أوصل إلى العلم بوجود المدلول١.

٤ - الرد على الفلاسفة:

يحصر الفلاسفة الدليل في القياس، والاستقراء، والتمثيل. كما يقول بعضهم إن العلم المطلوب لا يحصل إلا بمقدمتين، لا يزيد ولا ينقص. وقد رد شيخ الإسلام على الفلاسفة في معنى الدليل عندهم، مبيناً بطلانه، ومن وجوه الرد عليهم:

أولاً: أن هذا الذي قالوه إما أن يكون باطلاً، وإما أن يكون تطويلاً يبعد الطريق على الطالب المستدل، فلا يخلو عن خطأ يصد عن الحق، أو طريق طويل يتعب صاحبه، حتى يصل إلى الحق، مع إمكان وصوله بطريق قريب٢.

ثانياً: بطلان حصر الأدلة في القياس، والاستقراء، والتمثيل، وبيان ذلك أن ما ذكروه من حصر الدليل في القياس، والاستقراء، والتمثيل، حصر لا دليل عليه، بل هو باطل. واستدلالهم على الحصر بقولهم إما أن يستدل بالكلي على الجزئي، أو بالجزئي على الكلي، أو بأحد الجزأين على الآخر؛ والأول هو القياس، والثاني هو الاستقراء، والثالث هو التمثيل، يقال لم تقيموا دليلاً على انحصار الاستدلال في هذه الثلاثة، فإنكم إذا عنيتم بالاستدلال بجزئي على جزئي قياس التمثيل، لم يكن ما ذكرتموه حاصراً.

وقد بقي الاستدلال بالكلي على الكلي الملازم له، وهو المطابق له في العموم والخصوص، وكذلك الاستدلال بالجزئي على الجزئي الملازم له، بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر، ومن عدمه عدمه، فإن هذا ليس مما سميتموه قياساً، ولا استقراءً، ولا تمثيلاً، وهذه هي الآيات٣.

ثالثاً: قولهم إن الاستدلال لا بد فيه من مقدمتين، لا يزيد ولا ينقص، قول لا دليل عليه، بل هو باطل، فإن كان الدليل مقدمة واحدة، قالوا الأخرى محذوفة، وسموه قياس الضمير. وإن كان مقدمات، قالوا هي أقيسة مركبة، ليس هو قياساً واحداً، فهذا قول


١ - انظر: الرد على المنطقيين ص١٦٥.
٢ - انظر: المرجع السابق ص١٦١ - ١٦٢.
٣ - انظر: المرجع السابق ص١٦٢ - ١٦٣.

<<  <   >  >>