للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى الدور في الاصطلاح:

لم يرد لفظ الدور في القرآن الكريم، وإنما ورد لفظ الدار، والدائرة، والدوائر، ونحوها، ومن ذلك قوله - تعالى -: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ} [الأحزاب - ١٩] وقال - تعالى -: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعام - ١٢٧] وقال - تعالى -: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة - ٩٨] .

ولم يرد لفظ الدَوْر بهذا الضبط في السنة، وإنما ورد لفظ الدُور، واستدار ونحوها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بخبر دُور الأنصار" ١.

قال الراغب: "الدار: المنزل اعتباراً بدورانها الذي لها بالحائط، وقيل: دارة، وجمعها ديار، ثم تسمى البلدة داراً، والصقع داراً، والدنيا كما هي داراً، والدار الدنيا، والدار الآخرة..قال - تعالى -: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعام - ١٢٧] أي الجنة، و {دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم - ٢٨] أي الجحيم،..والدائرة: عبارة عن الخط المحيط، يقال: دار يدور دوراناً..والدورة والدائرة في المكروه، كما يقال دولة في المحبوب، وقوله - تعالى -: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة - ٥٢] "٢.

أما الدَوْر في الاصطلاح فيعرفه الرازي بقوله: "الدور هو أن يحتاج الأول إلى الثاني، والثاني إلى الأول، إما بواسطة أو بغير واسطة "٣.

ويقول الجرجاني: "الدور هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه، ويسمى الدور المصرح. كما يتوقف أعلى ب، وبالعكس، أو بمراتب ويسمى الدور المضمر كما يتوقف أعلى ب، وب على ج، وج على أ"٤.

وفي الكليات: "الدور هو توقف كل واحد من الشيئين على الآخر"٥.

ويقسم شيخ الإسلام الدور إلى نوعين، فيقول: "والدور نوعان: أحدهما الدور القبلي السبقي، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء، مثل أن يقال لا يكون هذا إلا بعد ذاك، ولا يكون


١ - جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب خرص التمر١/٤٥٩، ح ١٤٨١، وبنحوه مسلم في كتاب الفضائل باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ٤/١٧٨٥، ح ١٣٩٢.
٢ - المفردات ص٣٢١.
٣ - المباحث المشرقية ١/٥٩٦، وانظر: المواقف ص٨٩.
٤ - التعريفات ص١٤٠ - ١٤١، وانظر: الصحايف الإلهية ص١٤١.
٥ - الكليات ص ٤٤٧.

<<  <   >  >>