للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسيط، ويعبر عنه بالجوهر الفرد، وإلى مركب وهو الجسم"١.وقال الغزالي: "والجوهر على اصطلاح المتكلمين عبارة عما ليس في محل"٢.

ويذكر الأشعري عن بعض المعتزلة، تعريفهم الجوهر بأنه ما احتمل الأعراض٣.

وقال الجويني: "وقال المعتزلة الجوهر ما تحيز في الوجود"٤.

ويعرف النصارى الجوهر بأنه القائم بذاته٥.

ويطلق الفلاسفة المتقدمون؛ كأرسطو، وأمثاله، لفظ الجوهر على الله - تعالى -، وعنهم أخذت النصارى هذه التسمية، فإن أرسطو كان قبل المسيح بأكثر من ثلاثمائة سنة، كما أن بعض النصارى يحتج على هذا الإطلاق بأنه موجود في كتب الفلسفة٦.

وأما المتأخرون من الفلاسفة؛ كابن سينا، فقد منع من إطلاق لفظ الجوهر على الله؛ لأنه يقول الجوهر ما إذا وجد كان وجوده لا في موضوع، وهذا إنما يكون فيما وجوده زائد على ذاته، وواجب الوجود وجوده عين ذاته، فلا يكون جوهرا، ونفى الجوهر عن الله نفاة الصفات، الذين يقولون إن الجوهر ما شغل الحيز، وحمل الأعراض، قالوا: والله - سبحانه وتعالى - ليس كذلك٧.

٣ - موقف أهل السنة من لفظ الجوهر:

لا يختلف موقف أهل السنة من لفظ الجوهر، عن موقفهم من لفظ الجسم، إذ كلها ألفاظ محدثة، مجملة، مغايرة لمعناها في لغة العرب، وعامة من أطلقها في النفي أو الإثبات أراد بها ما هو باطل، فنفاة الصفات كلهم ينفون الجسم، والجوهر، والمركب، ونحوها، ويدخلون في نفي ذلك، نفي صفات الله - تعالى -.

ولذلك ينبغي الاستفسار عن المعنى المراد بلفظ الجوهر، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وما تنازع فيه المتأخرون نفياً وإثباتاً فليس على أحد، بل ولا له أن يوافق أحداً


١ - المبين ص١٠٩.
٢ - معيار العلم ص٣٠٥.
٣ - انظر: مقالات الإسلاميين ٢/٨.
٤ - الشامل ١/٤٩.
٥ - انظر: مقالات الإسلاميين ٢/٨، الشامل ١/٤٩.
٦ - انظر: الجواب الصحيح ٥/٨ - ٩، الدرء ٤/١٤٢، هداية الحيارى ص١٤٤.
٧ - انظر: الجواب الصحيح ٥/٩، الإرشاد لأبي المعالي ص٤٦ - ٤٧، التمهيد ص٧٨ - ٧٩، المطالب العالية ٢/٣٥.

<<  <   >  >>