للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - معنى الجوهر الفرد:

يخصص المتكلمون اسم الجوهر، بالجوهر الفرد المتحيز، الذي لا ينقسم، ويسمون المنقسم جسماً لا جوهراً١، فالجوهر عند المتكلمين هو الجزء الذي لا يتجزأ. وقد قال بإثبات الجوهر الفرد، وهو الجزء الذي لا يتجزأ كثير من المتكلمين.

وزعم أبو المعالي أن المسلمين متفقون على ذلك، حيث قال: "اتفق الإسلاميون على أن الأجسام تتناهى في تجزيها حتى تصير أفراداً، وكل جزء لا يتجزأ، فليس له طرف واحد شائع لا يتميز "٢.

وظنوا أن القول بإثبات الصانع، وبأنه خلق السماوات والأرض، وبأنه يقيم القيامة، ويبعث الناس من القبور، لا يتم إلا بإثبات الجوهر الفرد، فجعلوه أصلاً للإيمان بالله واليوم الآخر٣.

٥ - الرد على مثبتي الجوهر الفرد:

إن مصطلح الجوهر الفرد لم يقل به أحد من سلف الأمة، بل جمهور الأمة حتى من طوائف أهل الكلام، ينكرون الجوهر الفرد، وينفون تركب الأجسام منه، وابن كلاب إمام أتباعه هو ممن ينكره٤.

ونفى الجوهر الفرد كثير من طوائف أهل الكلام، وأهل الفلسفة، كالهشامية٥

والنجارية٦، والضرارية٧، وكثير من الكرامية٨.


١ - انظر: معيار العلم ص٢٩١.
٢ - الشامل ١/٤٩.
٣ - انظر: بيان تلبيس الجهمية ١/٢٨٠، مجموع الفتاوى ٩/٢٩٩.
٤ - انظر: مجموع الفتاوى ١٧/٢٤٤
٥ - سبق التعريف بالهشامية ص١٤٩ من البحث.
٦ - النجارية أصحاب الحسين بن محمد النجار، أحد كبار المتكلمين، له مناظرة مع النظام أغضب النظام فيها فرفسه فيقال مات منها بعد تعلل، وأكثر معتزلة الري وما حواليها على مذهبه وافقوا المعتزلة في مسائل الصفات، والقرآن، والرؤية، ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال، وهم فرق كثيرة منها البرغوثية والزعفرانية والمستدركة، انظر: الملل والنحل ١/٨٨ - ٨٩، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص٧٠، سير أعلام النبلاء١٠/٥٥٤.
٧ - الضرارية أتباع ضرار بن عمرو الكوفي، وكان في أول أمره تلميذاً لواصل بن عطاء، ثم خالفه في خلق الأعمال وإنكار عذاب القبر، وله تصانيف كثيرة تؤذن بذكائه وكثرة إطلاعه على الملل والنحل، وبعض القصص عنه تدل على موته في زمن الرشيد. انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص٧٢، الملل والنحل١/٩٠ - ٩١، سير أعلام النبلاء١٠/٥٤٤.
٨ - انظر: درء التعارض١/٣٠٣.

<<  <   >  >>