للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسئل مالك - رحمه الله - عن الزندقة فقال: ما كان عليه المنافقون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إظهار الإيمان وكتمان الكفر هو الزندقة عندنا اليوم١.

وذكر الخوارزمي في مفاتيح العلوم أن الزنادقة هم المانوية، وكانت المزدكية يسمون بذلك، ومزدك هو الذي ظهر في أيام قباذ، وكان قاضي قضاة المجوس، وزعم أن الأموال والحرم مشتركة، وأظهر كتاباً سماه زند، وهو كتاب المجوس الذي جاء به زرادشت، الذي يزعمون أنه نبيهم، فنسب أصحاب مزدك إلى زند، فقيل زندي، وأعربت الكلمة فقيل للواحد زنديق، وللجماعة زنادقة٢.

وقيل: "الزنديق هو الذي لا يتمسك بشريعة، ويقول بدوام الدهر"٣.

ويقسم الغزالي الزندقة إلى قسمين:

زندقة مطلقة: وهو أن ينكر أصل المعاد عقلياً وحسياً وينكر الصانع للعالم أصلاً.

زندقة مقيدة: وهي إثبات المعاد بنوع عقلي مع نفي الآلام واللذات الحسية، وإثبات الصانع مع نفي علمه بتفاصيل الأمور. فهي زندقة مقيدة بنوع اعتراف بصدق الأنبياء.

واستدل على هذا التقسيم بحديث موضوع وهو "ستفترق أمتي نيفاً وسبعين فرقة كلهم في الجنة إلا الزنادقة"٤.وجعل الزندقة المقيدة هي معنى زنادقة هذه الأمة٥.

قال شيخ الإسلام: "أما هذا الحديث فلا أصل له، بل هو موضوع كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولم يروه أحد من أهل الحديث المعروفين بهذا اللفظ"٦.

وتقسيمه المذكور غير صحيح، والتحقيق أن أصل الزنادقة هم من الفرس الثنوية، وظهر الإسلام والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك، وأظهر جماعة منهم الإسلام خشية القتل،


١ - انظر: التمهيد لابن عبد البر ١٠/١٥٤، الموطأ ٢/٧٣٦.
٢ - انظر: مفاتيح العلوم ص٥٦.
٣ - المصباح المنير١/٢٥٦.
٤ - ذكره ابن الجوزي في كتابه الموضوعات١/٢٦٧ - ٢٦٨.وقال هذا الحديث لا يصح عن رسول الله. أما الحديث الصحيح فهو في سنن أبي داود كتاب السنة باب شرح السنة٤/١٩٧، ح ٤٥٩٦، والترمذي في الإيمان باب ما جاء في افتراق هذه الأمة ٥/٢٥، ح ٢٦٤٠وابن ماجة في باب افتراق الأمم ٢/١٣٢١، ح ٣٩٩١.
٥ - انظر: بغية المرتاد ص٣٣٦.
٦ - المرجع السابق ص٣٣٧.

<<  <   >  >>