للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يقال لقوى كثيرة من العقل النظري عقل؛ فمن ذلك العقل الهيولاني، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد، والعقول الفعالة.

الرابع: العقل الهيولاني، وهو قوة للنفس، مستعدة لقبول ماهيات الأشياء، مجردة عن المواد، وبها يفارق الصبي الفرس وسائر الحيوانات، لا بعلم حاصر، ولا بقوة قريبة من العلم. وهي المرتبة الأولى للنفس الإنسانية، التي يسمونها الناطقة.

الخامس: العقل بالملكة، وهو استكمال العقل الهيولاني، حتى يصير بالقوة القريبة من الفعل، كما في الصبي عندما ينتهي إلى حد التمييز. وهي المرتبة الثانية للنفس الناطقة.

السادس: العقل بالفعل، وهو استكمال للنفس بصورة ما، أي صورة معقولة، حتى متى شاء عقلها، أو أحضرها بالفعل. وهي المرتبة الثالثة للنفس الناطقة.

السابع: العقل المستفاد، وهو ماهية مجردة عن المادة، مرتسمة في النفس على سبيل الحصول من خارج. وذلك بأن تكون المعلومات حاضرة في ذهنه، وهو يطالعها ويلابس التأمل فيها، وهو العلم الموجود بالفعل، الحاضر، وهي المرتبة الرابعة للنفس الناطقة١.

فالعقل الهيولاني، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد، هي مراحل العقل للنفس الإنسانية التي يسمونها الناطقة، وهي عبارة عن قوة للنفس وقدرة على تصور الأشياء تبدأ من مجرد مفارقة الإنسان للحيوان، ثم تترقى إلى أن تصل إلى وجود المعلومات في الذهن والقدرة على تأملها ومطالعتها. وأما العقل العملي فهو القوة التي تحرك نحو الاختيار والعمل بأمر العقل النظري.

الثامن: العقل الفعال، وهو نمط آخر، وهو كل ماهية مجردة عن المادة أصلاً. وحده من جهة ما هو عقل أنه جوهر صوري، ذاته ماهية مجردة في ذاتها - لا بتجريد غيرها لها - عن المادة، وعن علائق المادة، بل هي ماهية كلية موجودة.


١ - انظر: الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي للدكتور الأعسم ص٢٤٠ - ٢٤١، معيار العلم ٢٧٧ - ٢٧٩، موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص٦٠٠ - ٦٠١.

<<  <   >  >>