للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجسامها من الأفلاك، قالوا: كل نفس فإنما جعلت خاصة بجسم، بسبب أن فعلها بذلك الجسم وفيه١. فالنفوس عند من يثبتها من المتفلسفة لا تفارق الأجسام، بل النفس عندهملا بد أن تكون متعلقة بالجسم، تعلق التدبير والتصريف، وما دامت نفس الإنسان مدبرة لبدنه، سموها نفساً، فإذا فارقت سموها عقلاً؛ لأن العقل عندهم هو المجرد عن المادة، وعن علائق المادة، وأما النفس فهي المتعلقة بالبدن، تعلق التدبير والتصريف، وقد تنازعوا في النفس الفلكية، هل هي جوهر، أو عرض؟ على قولين أحدهما: أنها أعراض قائمة بالفلك، كالقوة الشهوية، والغضبية، وهذا قول أكثر أتباع أرسطو، والثاني: أنها جواهر قائمة بأنفسها كالنفس الناطقة، وإليه يميل ابن سينا وغيره٢.

والمشهور عندهم أن النفوس الفلكية بعدد الأفلاك، فهي تسعة٣.

٤ - الرد على الفلاسفة:

الحق أن تلك الآراء التي قال بها الفلاسفة، في العقول، والنفوس، ما هي إلا امتداد للوثنية القديمة عند اليونان، والتي ترى أن الكواكب أجسام سماوية، وأن لها نفوساً تحركها، وأن لحركاتها تأثيراً في نفوسنا، وأجسامنا، وكل كوكب يعتبر إلهاً عندهم٤. ففلاسفة اليونان شرحوا تلك الوثنيات بطريقة فلسفية، تلقفها من بعدهم بعض المنتسبين للإسلام كابن سينا والفارابي وأمثالهم.

وقول الفلاسفة في النفوس باطل من وجوه عدة منها:

أولاً: أن هذا التفسير للفظ النفس لم يرد في كتاب الله، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا في كلام الصحابة والتابعين، بل جاء لفظ النفس في الشرع بمعنى الروح، وبمعنى العين، والذات، ولم يرد إطلاق النفس على الملائكة فضلاً عن المعنى الذي ذكروه.


١ - انظر: النجاة ٢/١٣٨، ١١٩، شرح المقاصد ٣/٣١٦.
٢ - انظر: الصفدية ١/٣٤، ٢/٢٥٢ - ٢٥٣، درء التعارض ١/٣٥، مجموع الفتاوى ٩/٢٧٣.
٣ - انظر: تهافت الفلاسفة ص٧٠.
٤ - انظر: مقدمة بغية المرتاد للدكتور موسى بن سليمان الدويش ص١٠٣.

<<  <   >  >>