للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدر، ولا يتميز منه شيء عن شيء؛ بحيث يمكن أن لا يرى ولا يدرك ولا يحاط به، وإن سماه المسمي جسما١.

وأما مخالفة قولهم للشرع فإن معنى الواحد الذي يقولون، ليس هو المعنى الشرعي في كتاب الله، ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على ذلك أن تفسير الصحابة لآيات التوحيدلم يرد فيها هذا المعنى الذي يشيرون إليه، ويشرحونه في كتبهم. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ومن المعلوم بالاضطرار أن اسم الواحد في كلام الله لم يقصد به سلب الصفات وسلب إدراكه بالحواس، ولا نفي الحد والقدر ونحو ذلك من المعاني التي ابتدع نفيها الجهمية وأتباعهم، ولا يوجد نفيها في كتاب ولا سنة، ولاعن صاحب ولا أئمة المسلمين"٢.

كما خالفوا لغة العرب في تفسيرهم للفظ الإله، حيث نجد في لغة العرب أله إلاهة وألوهية: عبد عبادة، ومنه لفظ الجلالة، وإلاه فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أي: معبود، والتأله التنسك والتعبد، والإلاهة والألُوهة والألوهيّة: العبادة. وقيل: مأخوذ من ألِهَ يأله إلى كذا أي لجأ إليه، لأنه - سبحانه - المفزع الذي يلجأ إليه في كل أمر٣. وهذا هو المعنى الشرعي الذي أراده الله - تعالى - في كتابه٤، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع، كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الإلهية هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره، فقد شهد أن لا إله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون..بل الإله الحق هو الذي يستحق أن


١ - انظر: بيان تلبيس الجهمية١/٤٨٣.
٢ - المرجع السابق ١/٤٨٤، وانظر: درء تعارض العقل والنقل١/٢٢٤ - ٢٢٥.
٣ - انظر: العين ٤/٩٠ - ٩١، معجم مقاييس اللغة ١/١٢٧، لسان العرب١٣/٤٦٨ - ٤٦٩، القاموس المحيط ص١٦٠٣، بصائر ذوي التمييز ٢/١٣ - ١٤.
٤ - انظر: تفسير الطبري ١/٥٤ - ٥٥، تفسير ابن كثير١/٢١.

<<  <   >  >>